وما انت بهادي العمى عن ضلالتهم

وما انت بهادي العمى عن ضلالتهم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،،،

فإن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان نعمة العقل، وذلك أن العقل هو الذي يميز الإنسان عن سائر المخلوقات، وهو الذي يجعله قادرًا على التفكير والتدبر والتأمل، وبالتالي الوصول إلى الحقائق والمعارف.

ولقد حثنا الإسلام على استخدام العقل، وحذرنا من اتباع الهوى والشهوات، قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج: 46].

1. عاقبة من أعرض عن الحق:

ومن أعرض عن الحق واتبع الهوى والشهوات، فإن الله تعالى يضلله ويحرمه من نور بصيرته، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 124].

وقال تعالى: (إِنَّهُمْ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنبياء: 97-98].

2. مظاهر الضلال:

ومن مظاهر الضلال اتباع الشهوات، والركون إلى الدنيا، والغفلة عن الآخرة، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية: 23].

وقال تعالى: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].

3. نتائج الضلال:

ومن نتائج الضلال الحرمان من رحمة الله تعالى، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].

وقال تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف: 44].

4. أسباب الضلال:

ومن أسباب الضلال الجهل والهوى والشهوات، قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَنَذَرْنَا الظَّالِمِينَ يَوْمَئِذٍ مَتَحَسِّرِينَ) [الأعراف: 186].

وقال تعالى: (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَ هُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) [الروم: 29].

5. علاج الضلال:

وأنَّ علاج الضلال يكون بالرجوع إلى الله تعالى والتوبة إليه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التحريم: 8].

6. الأدلة من السنة النبوية:

فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين”.

فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه”.

فقد روى الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قال لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه دخل الجنة”.

الخاتمة:

إن الضلال من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان، وقد حذرنا الله تعالى منه في كتابه الكريم، وبين لنا أسبابه وعلاجه، وقد سنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة واضحة في تجنب الضلال والوقوع فيه، فعلينا أن نتمسك بهذه السنة ونهتدي بهديه، نسأل الله تعالى أن يهدينا سواء السبيل، وأن ينور بصائرنا، وأن يحشرنا في زمرة الصالحين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

أضف تعليق