الأحاديث النبوية عن الإيثار
المقدمة:
الإيثار هو تقديم الآخرين على النفس مهما بلغت درجة القرابة بينهم وبينك، سواء كانوا أهلك أو صديقك أو جارك أو أي شخص آخر، فلا فرق، فالإسلام دين التآلف والمحبة والإخاء والتعاون، والإيثار أحد أهم الأخلاق التي حثنا عليها الإسلام، فالإسلام دين الإنسانية والأخلاق، فقد حث الإسلام على التعاطف مع الآخرين ومساعدتهم وإيثارهم على النفس مهما بلغت درجة القرابة بينهم وبينك.
المحتوى:
1. فضل الإيثار:
جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( من آثر أخاه المؤمن على نفسه في مسكن أو مركب أو طعام أو شراب أعطاه الله بكل شعرة من جسده نورًا يوم القيامة ) متفق عليه.
وجاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) رواه مسلم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( يثنى على رجل خلف امرأة صالحة إن مرضت أو حاضت ) رواه أبو داود.
2. الإيثار بالمال:
الإيثار بالمال من أروع صور الإيمان، فقد روى مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ( إن أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ).
وعن سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن إذا أعطى أجره سريعًا ) رواه الترمذي.
وجاء في الحديث القدسي الذي رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( يا ابن آدم إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجهي إلا زدتك بها خيرًا ).
3. الإيثار بالمساعدة:
حثنا الإسلام على مساعدة الآخرين ورفع العناء عنهم، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) رواه مسلم.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع ).
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد ينزل أخاه منزلة نفسه إلا رزقه الله مثل ذلك ).
4. الإيثار بالطعام والشراب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من بات طاويًا كأنما هو جمل زمن فقام من الليل فأطعم مسكينًا أو سقى مسكينًا ضمنت له الجنة ) رواه الترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ) رواه الترمذي.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تحذر الفقر وتأمل الغنى ) رواه البخاري.
5. الإيثار بالمكان:
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما آوى الله تعالى عبدين في غار إلا آوى معهما ثالثهما رحمته ) متفق عليه.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا مشى ثلاثة نفر لا يحجز بين أحدهم وبين صاحبه غير راحلته فليعط واحد منهم صاحبه دابة ) رواه أحمد.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ) رواه مسلم.
6. الإيثار بالكلمة الطيبة:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( طوبى لمن هدي إلى الإسلام ورُزق كفافًا وقَنَّعه الله بما آتاه ) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سأل الله الجنة ثلاث مرات قال الله عز وجل قد استجبت لك فإذا لقيت شيئًا تكرهه فقل الحمد لله على كل حال ) رواه الترمذي.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) رواه مسلم.
7. آداب الإيثار:
الإيثار لا يقتصر على جانب معين، بل يشمل جميع جوانب الحياة، من قول أو فعل أو مال أو غير ذلك.
لا يجب أن يكون الإيثار موسميًا، بل يجب أن يكون مستمرًا، فلا تُقدِّم الآخرين على نفسك في المواقف السهلة، ثم تُؤثر نفسك عليهم في المواقف الصعبة.
الإيثار عمل يُبنى عليه الثواب في الآخرة، فلا تتوقع أن يُبادلك الناس الإيثار بالإيثار، بل يجب أن يكون إيثارك لله تعالى وحده، ولا تنتظر مقابلًا من أي أحد.
الخاتمة:
الإيثار خلقٌ عظيم يُحبّه الله تعالى ويرضى عنه، والإيثار ليس فقط إعطاء المال أو الطعام أو الشراب، بل هو تقديم الآخرين على نفسك في جميع أمور الحياة.