اللهم اشرح

اللهم اشرح

اللهم اشرح

تعد سورة الشرح من السور المكية القصيرة التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبعثه، وأول ما أوحي إليه قبل سورة المدثر والعلق، وهي إحدى السورتين اللتين تبدآن بفعل الأمر، إلى جانب سورة الفجر، وهي من السور المعروفة والمعروف حفظها وتلاوتها خاصةً في ركعتي الطواف، وهي تتكون من ثماني آيات، تبدأ بقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}، وتنتهي بقوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.

فضائل سورة الشرح

روى ابن عباس -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أُعطيتُ سورة أحب إليَّ من الدنيا وما فيها، ألم نشرح لك صدرك)، كما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألم نشرح لك صدرك … هذه السورة تعدل نصف القرآن الكريم).

مناسبة سورة الشرح لما قبلها

تتنوع مناسبات السور مع ما قبلها، وقد جاءت سورة الشرح عقب سورة الكوثر، وذلك لوجود قاسم مشترك بين السورتين، حيثُ إن سورة الكوثر ورد فيها إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الله قد منحه الكوثر، وهي النعمة العظيمة التي ستمنحه على المدى البعيد الاستقرار والراحة، وجاءت سورة الشرح لتلبيسه -صلى الله عليه وسلم- بالمزيد من الرعاية والطمأنينة، وذلك لشرح صدره، وتفريج كربه، وإزالة ما به من همّ وحزن، أي أن سورة الشرح تدل على أن الله قد أعد للنبي -صلى الله عليه وسلم- الراحة والسرور في الدنيا والآخرة.

شرح صدر النبي -صلى الله عليه وسلم-

ورد في سورة الشرح أن الله تعالى قد شرح صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ}، فكان شرح صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- متمثلًا في تيسير مهمته الدعوية، وإزالة ما يشعر به من هم وحزن، وقيل أيضًا إن شرح صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يشير إلى نزول الوحي عليه، مما سهل على النبي -صلى الله عليه وسلم- تحمل الأعباء الملقاة على عاتقه.

رفع الحزن والغم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-

لقد أوحى الله سبحانه وتعالى إلى رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه قد وضعت عنه وزره الذي أنقض ظهره، فجاء في قوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ}، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد تحمل أعباء الدعوة وأثقالها على ظهره، وقد قامت هذه الآية برفع هذا الحمل الثقيل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان قد تحمل الدعوة إلى الإسلام وسط المشركين، الذين كانوا يتحينون له الفرص لإيذائه، فكان يشعر بالهمّ والحزن، لكنه -صلى الله عليه وسلم- قد استعان بربه فله الحمد والشكر، فأزال الله -سبحانه وتعالى- عنه هذه المعاناة، وأراحه وأزاح الحزن والهم عن صدره.

زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من السيدة خديجة -رضي الله عنها-

جاءت الآية ليوضح الله -سبحانه وتعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم- أن العسر واليسر ما هما إلا قدر الله -سبحانه وتعالى- كما جاء في قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، فقد أحل الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- الزواج من السيدة خديجة -رضي الله عنها- والتي كانت من نساء مكة الغنيات وأكثرهن مالًا وشرفًا، وكان زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بها أحد الأمور التي رفعت من شأنه بين قومه، إذ إنه قد تزوج امرأة ثرية وغنية، مما ساهم في رفعة مكانه بينهم، وكانت هذه الخطوة سببًا في تقوية دعوته، فقد كان مال السيدة خديجة -رضي الله عنها- هو العون له في تحمل مصاعب وأعباء الدعوة.

الثناء على الله تعالى

ورد في سورة الشرح ثناء النبي -صلى الله عليه وسلم- على الله -سبحانه وتعالى- فجاء في قوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، فقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على الثناء على الله -سبحانه وتعالى- في الرخاء والشدة، ومن الجدير بالذكر أن الثناء على الله -سبحانه وتعالى- يتحقق بالاعتراف بفضله وإحسانه، وهذا يساهم في حصول المسلم على المزيد من الإحسان، فمن يدوم الثناء على الله تعالى ينعم على العبد بالمزيد من نعمه وإحسانه.

الخاتمة

وفي الختام، تعد سورة الشرح سورة قصيرة لكنها ذات معانٍ عظيمة، فهي تبث في قلب القارئ أو السامع الطمأنينة والراحة، وتحثه على الثناء على الله تعالى في الرخاء والشدة، كما أنها تعد بردًا وسلامًا على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثنى الله -سبحانه وتعالى- على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأكرمه بالكثير من النعم، فاللهم بارك لنا في سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وارضَ عنه وعن صحبه أجمعين.

أضف تعليق