المقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. “اللهم اكفنا شر” هي دعوة نابعة من القلب يطلب فيها العبد من الله تعالى أن يحميه من كل شر ومكروه. وفي هذا المقال، سنتحدث عن أهمية اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة به من الشرور، كما سنتناول أسباب نزول هذه الدعوة المباركة.
أولاً: أهمية اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة به من الشرور:
1. الحماية من الشرور: إن الاستعاذة بالله تعالى من الشرور هي وسيلة فعالة لحماية العبد من كل مكروه يصيبه، سواء كان هذا المكروه من الجن أو الإنس أو المرض أو أي شيء آخر. فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تعوذوا بالله من شرور أنفسكم ومن شرور الناس ومن خطوات الشيطان”.
2. تحقيق الطمأنينة والسكينة: عندما يستعيذ العبد بالله تعالى من الشرور، فإنه يشعر بالطمأنينة والسكينة في قلبه، لأن الله تعالى هو خير حافظ وأكرم حامٍ. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه ومن شر كل ذي شر”.
3. إبعاد الوساوس الشيطانية: إن الاستعاذة بالله تعالى من الشرور تساعد على إبعاد الوساوس الشيطانية عن العبد، لأن الشيطان يفر من ذكر الله تعالى. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا ذكر الله تعالى خنس الشيطان”.
ثانياً: أسباب نزول دعوة “اللهم اكفنا شر”:
1. نزول آية الكرسي: ورد في بعض الروايات أن دعوة “اللهم اكفنا شر” نزلت بعد نزول آية الكرسي. فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “لما نزلت آية الكرسي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفنا شرها”.
2. وقوع معركة بدر: يقال أيضًا أن هذه الدعوة نزلت في معركة بدر، حيث كان المسلمون قلة قليلة وكان المشركون كثيرين. وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوة فاستجاب الله تعالى له.
3. حماية النبي محمد صلى الله عليه وسلم: يذكر بعض المفسرين أن هذه الدعوة نزلت أيضًا لحماية النبي محمد صلى الله عليه وسلم من شر الكفار الذين كانوا يتربصون به. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى تبوك، قال: اللهم اكفنا شر اليهود والنصارى”.
ثالثاً: فضل دعوة “اللهم اكفنا شر”:
1. تكفير السيئات: عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال اللهم اكفنا شرها وكفى، فهو في كنف الله تعالى”.
2. تحصين النفس من الشرور: إن ترديد هذه الدعوة المباركة يعتبر حصنًا حصينًا للعبد من كل شر ومكروه. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال اللهم اكفني شر إبليس وشره وشر أعوانه وحزبه وكل جنوده وشياطينه، وكل منهم، أعاذه الله من شرهم أجمعين”.
3. إبعاد الشيطان: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال اللهم اكفنا شر الشيطان، وكل مكروه، وكل جنوده وشياطينه، وكل منهم، أخرجه الله من بين عينيه”.
رابعاً: كيفية الاستعاذة بالله تعالى من الشرور:
1. التلفظ بالدعاء: يجب على العبد أن يتلفظ بالدعاء “اللهم اكفنا شر” بلسانه، وأن يكرره عدة مرات في اليوم، خاصة في الأوقات التي يشعر فيها بالخوف أو القلق.
2. الإخلاص واليقين: يجب على العبد أن يكون مخلصًا في دعائه، وأن يوقن بأن الله تعالى هو وحده القادر على حمايته من كل شر ومكروه.
3. الاستمرار في الدعاء: يجب على العبد أن يستمر في الدعاء “اللهم اكفنا شر” حتى يرى النتيجة المرجوة، فالدعاء لا ينقطع إلا بالموت.
خامساً: الأمور التي يجب أن يتجنبها العبد حتى يكف الله تعالى عنه الشر:
1. اجتناب المعاصي والذنوب: يجب على العبد أن يجتنب المعاصي والذنوب، لأنها من أسباب نزول الشرور والمصائب على العبد. فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى ليزيل عن هذه الأمة العذاب بسبب الدعاء والاستغفار”.
2. الابتعاد عن أماكن الفتن والشرور: يجب على العبد أن يبتعد عن أماكن الفتن والشرور، لأنها من أسباب تعرض العبد للأذى والخطر. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أتى أماكن الفتن ابتُلي”.
3. تحصين النفس بالأذكار والأدعية: يجب على العبد أن يحصن نفسه بالأذكار والأدعية، لأنها من أسباب حماية العبد من الشرور والمصائب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حصنوا أموالكم وأعراضكم ودينكم بالذكر”.
سادساً: الأدعية التي يمكن للعبد أن يتحصن بها من الشرور:
1. آية الكرسي: تعتبر آية الكرسي من أقوى الأدعية التي يمكن للعبد أن يتحصن بها من الشرور. فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “آية الكرسي آية من كتاب الله، لا يقرأها رجل في بيته كل ليلة إلا بات عليه من الله حافظ، ولا يقرب منه شيطان حتى يصبح”.
2. سورة الفلق وسورة الناس: تعتبر سورتا الفلق والناس من السور التي يمكن للعبد أن يتحصن بها من الشرور. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، وسورة قل هو الله أحد، وسورة قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، فإنك إن فعلت ذلك لم يقربك شيطان حتى تصبح”.
3. دعاء سيدنا يونس عليه السلام: يعتبر دعاء سيدنا يونس عليه السلام من الأدعية التي يمكن للعبد أن يتحصن بها من الشرور. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دعاء ذي النون إذ نادى وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”.
سابعاً: الخاتمة:
ختامًا، فإن دعوة “اللهم اكفنا شر” هي دعوة مباركة يجب أن يرددها العبد في كل وقت وحين، فهي حصن حصين له من كل شر ومكروه. وقد وضحنا في هذا المقال أهمية اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة به من الشرور، كما تناولنا أسباب نزول هذه الدعوة المباركة وفضلها وكيفية الاستعاذة بالله تعالى من الشرور. نسأل الله تعالى أن يكفينا شرور أنفسنا وشرور الناس وشرور الشيطان وشر كل ذي شر وأن يرزقنا الأمن والأمان في الدنيا والآخرة.