حكم الانزال في الدبر دون الإيلاج

حكم الانزال في الدبر دون الإيلاج

مقدمة

الإنزال في الدبر دون الإيلاج من المسائل الفقهية التي اختلف فيها الفقهاء، والجدل حولها قائم منذ زمن بعيد، فهناك من يرى أنه جائز لا حرج فيه، وهناك من يرى أنه محرم، وفي هذا المقال سوف نستعرض آراء الفقهاء في هذه المسألة، ونناقش الأدلة التي استندوا إليها، ونخرج برأي واضح في هذه القضية.

الأدلة الشرعية على تحريم الإنزال في الدبر

1. الدليل الأول: قال تعالى في سورة النساء: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، والزنا يشمل كل اتصال جنسي محرم، والإنزال في الدبر دون الإيلاج هو اتصال جنسي محرم، إذ أنه لا يحقق المقصود من الجماع وهو الإنجاب، ولأنه يسبب الضرر للزوجة، وقد يؤدي إلى تمزيق الشرج.

2. الدليل الثاني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله من أتى امرأته في دبرها”، وهذا الحديث يدل على تحريم الإنزال في الدبر، إذ أن اللعن هو طرد وإبعاد من رحمة الله، ولا يُلعن المسلم إلا إذا ارتكب كبيرة من الكبائر، والإنزال في الدبر من الكبائر التي تستوجب اللعن.

3. الدليل الثالث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لامرأة أن تمكن زوجها من دبرها”، وهذا الحديث يدل على تحريم الإنزال في الدبر، إذ أن تمكين الزوج من الدبر هو بمثابة الإذن له بممارسة هذا الفعل المحرم، والإذن بالمعصية معصية.

الأدلة الشرعية على جواز الإنزال في الدبر

1. الدليل الأول: قال تعالى في سورة البقرة: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}، وهذه الآية تدل على تحريم الزنا، وتبيح كل ما عدا الزنا، والإنزال في الدبر دون الإيلاج ليس زناً، إذ أن الزنا هو الاتصال الجنسي بين رجل وامرأة أجنبية، والإنزال في الدبر دون الإيلاج هو اتصال جنسي بين زوجين، فلا يكون زناً.

2. الدليل الثاني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أتى الرجل امرأته، فلا بأس أن يقبلها ويلثمها ويمص ثدييها وينزل حيث شاء”، وهذا الحديث يدل على جواز الإنزال في الدبر دون الإيلاج، إذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستثن الدبر من الأماكن التي يجوز للزوج أن ينزل فيها.

3. الدليل الثالث: عن أم سلمة قالت: “سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل هل يجامع أهله من دبرها؟ فقال: نعم، إن شاء”. وهذا الحديث يدل على جواز الإنزال في الدبر دون الإيلاج، إذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم أجاز للرجل أن يجامع أهله من دبرها إذا شاء.

الخلاف بين الفقهاء في حكم الإنزال في الدبر

اختلف الفقهاء في حكم الإنزال في الدبر، فذهب الجمهور إلى تحريمه، وذهب بعضهم إلى جوازه، وقد استدل كل فريق بالأدلة التي ذكرناها سابقاً.

رأي جمهور الفقهاء

ذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم الإنزال في الدبر، واستدلوا بالأدلة الثلاثة التي ذكرناها سابقاً، وهم يرون أن الإنزال في الدبر من الكبائر التي تستوجب اللعن، وأن الزوجة لا يجوز لها أن تمكن زوجها من دبرها، وأن الرجل لا يجوز له أن ينزل في دبر زوجته.

رأي من أجاز الإنزال في الدبر

ذهب بعض الفقهاء إلى جواز الإنزال في الدبر، واستدلوا بالأدلة الثلاثة التي ذكرناها سابقاً، وهم يرون أن الإنزال في الدبر ليس زناً، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستثن الدبر من الأماكن التي يجوز للزوج أن ينزل فيها، وأن أم سلمة روت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أجاز للرجل أن يجامع أهله من دبرها إذا شاء.

الخلاصة

اختلف الفقهاء في حكم الإنزال في الدبر، فذهب الجمهور إلى تحريمه، وذهب بعضهم إلى جوازه، وقد استدل كل فريق بالأدلة التي ذكرناها سابقاً. والراجح في هذه القضية هو القول بتحريم الإنزال في الدبر، إذ أن الأدلة الدالة على تحريمه أقوى من الأدلة الدالة على جوازه.

أضف تعليق