حكم الخروج على الحاكم الظالم

حكم الخروج على الحاكم الظالم

الحاكم الظالم هو الحاكم الذي لا يحكم إلا حسب هواه، ولا يراعي مصالح الرعية، ولا يحترم حقوقهم، ويطغى على أموالهم وأعراضهم. والظلم أنواع عديدة، منها: الظلم في الحكم، والظلم في القضاء، والظلم في المال، والظلم في العرض، والظلم في النفس.

أسباب الخروج على الحاكم الظالم

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الناس إلى الخروج على الحاكم الظالم، منها:

الظلم والقهر: عندما يظلم الحاكم رعيته ويقهرهم، فإن ذلك يدفعهم إلى الخروج عليه والثورة ضده.

الفساد: عندما ينتشر الفساد في الدولة، ويستشري الرشوة والمحسوبية، فإن ذلك يدفع الناس إلى الخروج على الحاكم والمطالبة بإصلاحات.

الإذلال: عندما يهين الحاكم رعيته ويذلهم، فإن ذلك يُثير الغضب في نفوسهم ويدفعهم إلى الخروج عليه.

الاعتداء على الحريات: عندما ينتهك الحاكم الحريات العامة، ويقمع حرية التعبير والرأي، فإن ذلك يدفع الناس إلى الخروج عليه والمطالبة بحقوقهم.

شروط الخروج على الحاكم الظالم

لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم إلا بعد استيفاء الشروط التالية:

استنفاد جميع الوسائل السلمية: قبل الخروج على الحاكم الظالم، يجب استنفاد جميع الوسائل السلمية لإصلاح الوضع، مثل النصح والتوجيه والمطالبة بالإصلاحات.

أن يكون الخروج شاملاً: لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم إلا إذا كان شاملاً، أي أنه يضم جميع فئات الشعب، وليس فئة واحدة فقط.

أن يكون الخروج منظمًا: يجب أن يكون الخروج على الحاكم الظالم منظماً ومدروساً، حتى لا يؤدي إلى الفوضى والاقتتال.

أن يكون الخروج ناجحًا: لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم إلا إذا كان هناك أمل كبير في نجاحه، وتحقيق الأهداف المرجوة منه.

ضوابط الخروج على الحاكم الظالم

هناك العديد من الضوابط التي يجب مراعاتها عند الخروج على الحاكم الظالم، منها:

عدم الإضرار بالمصلحة العامة: يجب أن لا يؤدي الخروج على الحاكم الظالم إلى الإضرار بالمصلحة العامة، مثل تعطيل المصالح العامة أو إيقاف الخدمات الأساسية.

عدم التعدي على ممتلكات الآخرين: يجب أن لا يتعدى الثوار على ممتلكات الآخرين، سواء كانوا من العامة أو من الحكام الظالمين.

عدم الاعتداء على النفس: يجب أن لا يعتدي الثوار على النفس، سواء كانت نفس الحاكم الظالم أو نفس أي شخص آخر.

الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية: يجب أن يلتزم الثوار بأحكام الشريعة الإسلامية، وأن لا يفعلوا شيئا يخالفها.

حكم الخروج على الحاكم الظالم في القرآن الكريم والسنة النبوية

ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من الآيات والأحاديث التي تبين حكم الخروج على الحاكم الظالم، منها:

قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (الأنفال: 72).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا رأيتم من ولاة أمركم منكراً فغيروه بيدكم، فإن لم تستطيعوا فبالسانكم، فإن لم تستطيعوا فبقلبكم، وذلك أضعف الإيمان” (رواه أحمد وأبو داود والترمذي).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبراً، مات ميتة جاهلية” (رواه البخاري ومسلم).

الخروج على الحاكم الظالم في التاريخ الإسلامي

لقد شهد التاريخ الإسلامي العديد من حالات الخروج على الحكام الظالمين، ومن أشهر هذه الحالات:

خروج الصحابة على معاوية بن أبي سفيان: خرج الصحابة على معاوية بن أبي سفيان بعد أن تولى الخلافة بعد مقتل علي بن أبي طالب، ودارت بينهم معارك عديدة، انتهت بمقتل الحسين بن علي في معركة كربلاء.

خروج الزيدية على الأمويين: خرج الزيدية على الأمويين بعد أن ظلموهم وأراقوا دماءهم، وقاموا بتأسيس دولتهم الخاصة بهم في اليمن.

خروج الخوارج على علي بن أبي طالب: خروج الخوارج على علي بن أبي طالب بعد أن حكم عليهم بالتحكيم في معركة صفين، ودارت بينهم معارك عديدة، انتهت بمقتلهم في معركة النهروان.

الخروج على الحاكم الظالم في العصر الحديث

في العصر الحديث، شهدت العديد من الدول العربية والإسلامية حالات خروج على الحكام الظالمين، ومن أشهر هذه الحالات:

خروج الشعب التونسي على زين العابدين بن علي: خرج الشعب التونسي على الرئيس زين العابدين بن علي في عام 2011، بعد أن ظلمهم وقهرهم ونهب أموالهم، وأسقطوه عن الحكم.

خروج الشعب المصري على حسني مبارك: خرج الشعب المصري على الرئيس حسني مبارك في عام 2011، بعد أن ظل في الحكم لمدة 30 عامًا، وظلمهم وقهرهم ونهب أموالهم، وأسقطوه عن الحكم.

خروج الشعب الليبي على معمر القذافي: خرج الشعب الليبي على الرئيس معمر القذافي في عام 2011، بعد أن ظلمهم وقهرهم وقتل أبناءهم، وأسقطوه عن الحكم.

الخاتمة

الخروج على الحاكم الظالم هو حق مشروع للناس إذا توفرت الشروط والضوابط الشرعية، ولكن يجب أن يكون هذا الخروج منظمًا ومدروسًا حتى لا يؤدي إلى الفوضى والاقتتال.

أضف تعليق