حكم الشك في صيام القضاء

حكم الشك في صيام القضاء

حكم الشك في صيام القضاء

مقدمة

صيام القضاء هو أحد أنواع الصيام الواجبة في الإسلام، وهو صيام الأيام التي أفطرها المسلم في رمضان بعذر شرعي، مثل المرض أو السفر أو الحيض أو النفاس. وقد اختلف الفقهاء في حكم الشك في صيام القضاء، فمنهم من قال بوجوب الصيام، ومنهم من قال بعدم وجوبه.

أقوال الفقهاء في حكم الشك في صيام القضاء

1. قول الجمهور (الحنفية والمالكية والشافعية)

ذهب الجمهور إلى أن الشك في صيام القضاء لا يوجب الصيام، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

أن الأصل عدم الوجوب، فلا يثبت إلا بدليل قطعي، والشك ليس دليلا قطعيًا.

أن الشك في العبادات يبطلها، فلو وجب صيام القضاء بالشك لبطل الصيام، وهذا خلاف المقصود من الصيام.

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بقضاء الصيام إلا لمن أفطر بيقين، ولم يأمر بقضائه لمن شك في إفطاره.

2. قول الحنابلة

ذهب الحنابلة إلى أن الشك في صيام القضاء يوجب الصيام، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

أن الأصل وجوب العبادات، فلا يسقط إلا بدليل قطعي، والشك ليس دليلا قطعيًا.

أن الشك في العبادات لا يبطلها، بل يوجب الاحتياط، والاحتياط في صيام القضاء هو صيامه.

أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقضاء الصيام لمن أفطر بشك، روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر من شهر رمضان بشيء قضاه”.

3. قول بعض أهل العلم

ذهب بعض أهل العلم إلى التفريق بين الشك في صيام القضاء بسبب الجهل بأحكام الصيام، والشك فيه بسبب النسيان أو السهو. فقالوا: إن الشك بسبب الجهل لا يوجب الصيام، لأن الجهل يسقط التكليف، أما الشك بسبب النسيان أو السهو فيوجب الصيام، لأن النسيان والسهو لا يسقطان التكليف.

حكم الشك في صيام القضاء عند وجود قرينة

إذا وجدت قرينة تدل على أن المسلم أفطر في رمضان بعذر شرعي، فلا يلزمه قضاء الصيام، وذلك لأن القرائن الشرعية معتبرة في الأحكام الشرعية. ومن الأمثلة على ذلك:

إذا كان المسلم مريضًا مرضًا شديدًا يمنعه من الصيام، ولم يستطع أن يصوم في رمضان، فلا يلزمه قضاء الصيام، لأن المرض قرينة على العذر الشرعي.

إذا كان المسلم مسافرًا سفرًا طويلاً يبيح له الفطر، ولم يستطع أن يصوم في رمضان، فلا يلزمه قضاء الصيام، لأن السفر قرينة على العذر الشرعي.

إذا كانت المرأة حائضًا أو نفساءً، فلا يلزمهن قضاء الصيام، لأن الحيض والنفاس قرينتان على العذر الشرعي.

حكم الشك في صيام القضاء إذا كان المسلم قد نوى القضاء

إذا كان المسلم قد نوى قضاء الصيام، ثم شك بعد ذلك في صيامه، فإن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أنه لا يلزمه القضاء مرة أخرى، لأن النية شرط لصحة الصيام، وقد وجدت النية عند الشروع في الصيام، فلا يضر الشك بعد ذلك.

حكم الشك في صيام القضاء إذا كان المسلم قد صام يومًا يظنه من رمضان ثم تبين أنه من شعبان

إذا كان المسلم قد صام يومًا يظنه من رمضان ثم تبين أنه من شعبان، فإن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أنه لا يلزمه قضاء هذا اليوم، لأن الصيام صحيح على أنه نفل، ولا يبطل بنية الفرض، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم شعبان تطوعًا.

حكم صيام القضاء إذا كان المسلم قد صام يومًا يظنه من شعبان ثم تبين أنه من رمضان

إذا كان المسلم قد صام يومًا يظنه من شعبان ثم تبين أنه من رمضان، فإن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أنه يجزئه عن صيام رمضان، لأن الصيام صحيح على أنه فرض، ولا يبطل بنية النفل. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم رمضان تطوعًا.

الخاتمة

حكم الشك في صيام القضاء مسألة خلافية بين الفقهاء، فذهب الجمهور إلى أن الشك في صيام القضاء لا يوجب الصيام، وذهب الحنابلة إلى أنه يوجب الصيام. وقد ذكرنا في هذا المقال أدلة الفريقين، ورأينا أن قول الجمهور أقوى وأرجح.

أضف تعليق