حكم الكهانة والعرافة شرك أكبر أم أصغر

حكم الكهانة والعرافة شرك أكبر أم أصغر

مقدمة:

تُعتبر الكهانة والعرافة من الممارسات القديمة التي ادعى فيها الأفراد القدرة على التنبؤ بالمستقبل أو اكتساب معرفة خاصة، سواء من خلال التواصل مع قوى خارقة للطبيعة أو من خلال استخدام وسائل مثل التنجيم أو قراءة الكف أو غيرها. وقد حظيت هاتان الممارستان باهتمام كبير عبر التاريخ، ولكن ما هو الحكم الشرعي في الإسلام على الكهانة والعرافة؟ هل هما شرك أكبر أم أصغر؟

أولاً: تعريف الكهانة والعرافة:

1- الكهانة: وهي ادعاء معرفة الغيب أو التنبؤ بالمستقبل من خلال وسائل غير عادية مثل التواصل مع الجن أو الأرواح أو الأحلام. ويُعد الكهان أشخاصًا يدعون امتلاك قدرات خاصة تمكنهم من معرفة ما سيحدث في المستقبل أو الإجابة على أسئلة الناس حول أمور خفية.

2- العرافة: هي ادعاء معرفة الغيب أو التنبؤ بالمستقبل من خلال استخدام وسائل مادية مثل التنجيم أو قراءة الكف أو قراءة الفنجان أو غيرها. ويُعد العرافون أشخاصًا يدعون امتلاك معرفة خاصة تمكنهم من اكتشاف أسرار الماضي والحاضر والمستقبل.

ثانيًا: حكم الكهانة والعرافة في الإسلام:

شرك أكبر أم أصغر:

1- حكم الكهانة في الإسلام: تعتبر الكهانة شركًا أكبر في الإسلام، وهي من أكبر الكبائر التي تُخرج المسلم من دينه، وذلك لأنها تعني ادعاء العلم بالغيب وهو من خصائص الله تعالى وحده. وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحذر من الكهانة وتُحرمها، مثل قوله تعالى: “قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله” (النمل: 65).

2- حكم العرافة في الإسلام: تعتبر العرافة شركًا أصغر في الإسلام، وذلك لأنها لا تنطوي على ادعاء العلم بالغيب بشكل مباشر، ولكنها تعتمد على وسائل مادية غير محسوسة. ومع ذلك، فإن العرافة تُعتبر من الممارسات المحرمة في الإسلام، لأنها تُشجع على التعلق بالأسباب المادية وتُضعف التوكل على الله تعالى. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: “من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة” (رواه مسلم).

ثالثًا: أضرار الكهانة والعرافة:

1- الإضرار بالعقيدة: إن الكهانة والعرافة تُضران بالعقيدة الإسلامية، وذلك لأنهما تُشجعان على التعلق بالأسباب المادية وتُضعفان التوكل على الله تعالى. كما أنهما يُسببان القلق والتوتر لدى الأفراد، حيث يُصبحون مهووسين بمعرفة المستقبل وتوقعه.

2- الإضرار بالمال: إن اللجوء إلى الكهانة والعرافة يُكلف الأفراد الكثير من الأموال، وذلك لأنهم يدفعون المال للعرافين والكهان من أجل معرفة المستقبل أو حل مشاكلهم. وهذا يُعد من الإسراف والتبذير، وقد نهى الإسلام عن ذلك.

3- الإضرار بالمجتمع: إن انتشار الكهانة والعرافة في المجتمع يُؤدي إلى الإضرار به، وذلك لأنها تُدمر الثقة بين الناس وتُشيع الخرافات والبدع. كما أنها تُؤدي إلى انتشار الدجل والشعوذة، والتي تُستغل من أجل النصب والاحتيال على الناس.

رابعًا: حكم الاستعانة بالكهان والعرافين:

1- الاستعانة بالكهان والعرافين من أجل معرفة المستقبل أو اكتساب معرفة خاصة حرام في الإسلام، وذلك لأنها تعني التعلق بالأسباب المادية وتُضعف التوكل على الله تعالى. كما أنها تُشجع على التشاؤم والإحباط، إذا كانت التنبؤات سلبية، وقد تُؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة.

2- الاستعانة بالكهان والعرافين من أجل حل المشاكل أو إبطال السحر أو غير ذلك من الأمور حرام في الإسلام، وذلك لأنها تُعتبر من أنواع الشرك بالله تعالى. كما أنها تُشجع على التعلق بالأسباب المادية وتُضعف التوكل على الله تعالى. وقد نهى الإسلام عن الاستعانة بالكهان والعرافين، وأمر المسلمين بالتوجه إلى الله تعالى وحده لحل مشاكلهم.

خامسًا: بدائل الكهانة والعرافة في الإسلام:

1- التوكل على الله تعالى: إن التوكل على الله تعالى هو أفضل طريقة لحل المشاكل وتجاوز الصعوبات، وذلك لأن الله تعالى هو وحده القادر على قضاء الحوائج وتفريج الكروب. وقد أمر الإسلام المسلمين بالتوجه إلى الله تعالى وحده لحل مشاكلهم، وذلك من خلال الدعاء والتضرع إليه.

2- اللجوء إلى أهل العلم والخبرة: إذا كان لدى الفرد مشكلة أو صعوبة في حياته، فإنه يمكنه اللجوء إلى أهل العلم والخبرة في هذا المجال من أجل الحصول على المشورة والنصيحة. وهذا أفضل من اللجوء إلى الكهان والعرافين، وذلك لأن أهل العلم والخبرة يعتمدون على أسس علمية ومنطقية في تقديم المشورة، وليس على الخرافات والبدع.

3- الصبر والاجتهاد: إن الصبر والاجتهاد هما من أفضل الطرق لحل المشاكل وتجاوز الصعوبات. فعندما يواجه الفرد مشكلة أو صعوبة، عليه أن يصبر ويتوكل على الله تعالى ويجتهد في إيجاد حل للمشكلة. وهذا أفضل من اللجوء إلى الكهان والعرافين، وذلك لأن الصبر والاجتهاد يُعلمان الفرد كيفية الاعتماد على نفسه وحل مشاكله بنفسه.

سادسًا: مواجهة الكهانة والعرافة في المجتمع:

1- التوعية بأضرار الكهانة والعرافة: يجب على المسلمين أن يتعاونوا من أجل التوعية بأضرار الكهانة والعرافة، وذلك من خلال إقامة الندوات والمحاضرات والتوعية من خلال وسائل الإعلام المختلفة. وهذا من أجل حماية المجتمع من هذه الممارسات الضارة.

2- محاربة الكهانة والعرافة قانونيًا: يجب على الحكومات أن تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لمحاربة الكهانة والعرافة، وذلك من خلال سن القوانين التي تحظر هذه الممارسات وتفرض العقوبات على المخالفين. وهذا من أجل حماية المجتمع من هذه الممارسات الضارة.

3- إحياء التراث الإسلامي: يجب على المسلمين أن يعملوا على إحياء التراث الإسلامي الذي يحذر من الكهانة والعرافة ويُحرمها. وذلك من خلال نشر الكتب والمقالات التي تتناول هذا الموضوع، وتعليم الأطفال في المدارس والجامعات عن أضرار الكهانة والعرافة.

سابعًا: الخاتمة:

إن الكهانة والعرافة من الممارسات الضارة التي تُضران بالعقيدة والمال والمجتمع. وقد حذر الإسلام من هاتين الممارستين وحرمهما. لذلك، على المسلمين أن يتجنبوا اللجوء إلى الكهان والعرافين وأن يتوكلوا على الله تعالى وحده لحل مشاكلهم. كما عليهم أن يعملوا على التوعية بأضرار الكهانة والعرافة ومحاربتها قانونيًا وإحياء التراث الإسلامي الذي يحذر من هاتين الممارستين ويُحرمهما.

أضف تعليق