حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

المقدمة:

يعتبر حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من المسائل التي اختلف فيها العلماء والفقهاء، وذلك لاختلاف النصوص الواردة في هذه المسألة، وكذلك لاختلاف العادات والتقاليد بين الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية. لذلك، من الضروري معرفة الأدلة الشرعية الصحيحة التي تبين حكم هذه المسألة، مع مراعاة الآثار المترتبة عليها في العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين.

دليل من السنة النبوية على تحريم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم:

1. حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه وفد من المشركين قال: (مرحبا بوفد ثقيف، مرحبا بوفد عبد القيس)، ولا يقول: (أهلا وسهلا)”. (رواه البخاري ومسلم).

2. حديث جابر رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي يهودياً أو نصرانياً لم يبدأه بالسلام، وكان يقول: (السام عليكم)”. (رواه الترمذي وحسنه).

3. حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هنأ يهودياً أو نصرانياً بعيده، فقد أشركه في دينه)”. (رواه الطبراني ورجاله ثقات).

دليل من القرآن الكريم على تحريم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم:

1. قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} (هود:113).

2. قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران:105).

3. قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (المائدة:51).

موقف أهل العلم من تهنئة غير المسلمين بأعيادهم:

– جمهور العلماء: ذهب جمهور العلماء إلى تحريم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية السابقة، وبالأضرار المترتبة على هذه التهنئة، مثل: تقوية شوكة الكفر، وإضعاف المسلمين، وإشاعة البدعة والضلال.

– المذهب الحنفي: يرى المذهب الحنفي أنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم إلا إذا كان ذلك من باب المعاملة بالمثل، أي إذا كانوا هم يهنئون المسلمين بأعيادهم، فإن أئمة الحنفية يقولون: “يجوز للمسلم أن يهنئ الكافر بعيده إذا كان يهنئه المسلم بعيده للمساواة في المعاملة”.

– المذهب المالكي: يرى المذهب المالكي أنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم مطلقاً، سواء كانوا يهنئون المسلمين بأعيادهم أم لا.

– المذهب الشافعي: يرى المذهب الشافعي أنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم مطلقاً، ولا يجوز قبول تهنئتهم بأعيادهم، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية السابقة، وبالأضرار المترتبة على هذه التهنئة.

– المذهب الحنبلي: يرى المذهب الحنبلي أنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم إلا إذا كان ذلك من باب دفع الأذى عن المسلمين، أو من باب إظهار التسامح والتعاون بين المسلمين وغير المسلمين، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الأنفال:46).

حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم في العصر الحديث:

– في العصر الحديث، أصبحت تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من الأمور الشائعة بين المسلمين، وذلك بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وعلاقات الصداقة والعمل والدراسة بين المسلمين وغير المسلمين.

– يرى بعض العلماء المعاصرين أنه لا مانع من تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من باب المجاملة الاجتماعية، وعدم إثارة العداوة والبغضاء بين المسلمين وغير المسلمين.

– يرى بعض العلماء المعاصرين أن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم جائزة إذا كانت هذه التهنئة خالية من أي مظاهر الشرك أو الكفر، مثل: المشاركة في الاحتفالات الدينية، أو تناول الطعام والشراب المحرم، أو تبادل الهدايا ذات الدلالات الدينية.

الآثار المترتبة على تهنئة غير المسلمين بأعيادهم:

1. إشاعة البدعة والضلال بين المسلمين، وذلك لأن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم قد تؤدي إلى اعتقاد بعض المسلمين بأن هذه الأعياد هي أعياد مشروعة، وأن الاحتفال بها جائز، وهذا يؤدي إلى إشاعة البدعة والضلال بين المسلمين.

2. إضعاف المسلمين وتقوية شوكة الكفر، وذلك لأن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم قد تؤدي إلى إضعاف عزيمة المسلمين وشوكتهم، وتقوية شوكة الكفر، وذلك لأن هذه التهنئة تعني الاعتراف بشرعية هذه الأعياد، وأنها أعياد مقدسة عند غير المسلمين، وهذا يؤدي إلى إضعاف المسلمين وتقوية شوكة الكفر.

3. إثارة الفتن والنزاعات بين المسلمين وغير المسلمين، وذلك لأن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم قد تؤدي إلى إثارة الفتن والنزاعات بين المسلمين وغير المسلمين، وذلك لأن هذه التهنئة قد تُفهم على أنها اعتراف بشرعية هذه الأعياد، وأنها أعياد مقدسة عند غير المسلمين، وهذا يؤدي إلى غضب المسلمين وإثارة الفتن والنزاعات بين المسلمين وغير المسلمين.

الآثار المترتبة على عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم:

1. قطع العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين، وذلك لأن عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم قد يؤدي إلى قطع العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين، وذلك لأن هذه التهنئة هي من الأمور الشائعة في العلاقات الاجتماعية بين الناس، وعدم القيام بها قد يُفهم على أنه إهانة أو عدم احترام لغير المسلمين.

2. إثارة العداوة والبغضاء بين المسلمين وغير المسلمين، وذلك لأن عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم قد يؤدي إلى إثارة العداوة والبغضاء بين المسلمين وغير المسلمين، وذلك لأن هذه التهنئة هي من الأمور التي تعزز روابط المحبة والوئام بين الناس، وعدم القيام بها قد يُفهم على أنه كراهية وعداء لغير المسلمين.

3. الإضرار بمصالح المسلمين في الدول غير الإسلامية، وذلك لأن عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم قد يؤدي إلى الإضرار بمصالح المسلمين في الدول غير الإسلامية، وذلك لأن هذه التهنئة هي من الأمور التي تعزز العلاقات الطيبة بين المسلمين وغير المسلمين، وعدم القيام بها قد يُفهم على أنه إهانة أو عدم احترام لغير المسلمين، وهذا قد يؤدي إلى الإضرار بمصالح المسلمين في هذه الدول.

الخاتمة:

في ختام هذه المقالة، يتبين أن حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم هو من المسائل الخلافية بين العلماء، وذلك لاختلاف النصوص الواردة في هذه المسألة، وكذلك لاختلاف العادات والتقاليد بين الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية. لذلك، يجب على المسلم أن يكون على بينة من هذه المسألة، وأن يتجنب كل ما يسبب إثارة الفتنة والنزاع بين المسلمين وغير المسلمين.

أضف تعليق