خطبة عن حرمة النفس البشرية

خطبة عن حرمة النفس البشرية

الخطبة/ حرمة النفس البشرية

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن النفس البشرية هي أعظم وأكرم ما خلقه الله -سبحانه وتعالى-، ومن ثم فقد كرمها وجعل لها حرمة كبيرة، وحفظ حقوقها في هذه الحياة الدنيا، وحرم الاعتداء عليها أو إيذائها بأي نوع من أنواع الأذى.

1. مكانة النفس البشرية عند الله -سبحانه وتعالى-:

– لقد كرم الله تعالى النفس البشرية وأعلى من قدرها فقال عز وجل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}، وقال سبحانه: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}.

– وقد جعل الله تعالى النفس البشرية هي الأساس الذي يقوم عليه البعث والحساب والثواب والعقاب في الآخرة، فقال عز وجل: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}.

– كما أن النفس البشرية هي الغاية والهدف من خلق هذا الكون، فقد قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وأن النفس البشرية هي الخليفة على الأرض، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}.

2. حرمة النفس البشرية في الشريعة الإسلامية:

– حرم الإسلام الاعتداء على النفس البشرية بأي نوع من أنواع الاعتداء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصانه، ورجل قتل نفسًا بغير حق، ورجل خرج مُحاربًا لله ورسوله».

– كما حرم الإسلام الانتحار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».

– وقد نهى الإسلام عن إيذاء النفس البشرية بأي نوع من أنواع الإيذاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».

3. دواعي حرمة النفس البشرية:

– إن حرمة النفس البشرية تستند إلى مجموعة من الأسباب والدواعي منها:

– أن النفس البشرية مخلوقة على صورة الله تعالى، قال تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}.

– أن النفس البشرية مسؤولة عن أفعالها، قال تعالى: {وَكُلُّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا}.

– أن النفس البشرية تستحق العيش الكريم، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}.

4. مظاهر حرمة النفس البشرية في الشريعة الإسلامية:

– إن حرمة النفس البشرية تتجلى في العديد من الأحكام الشرعية منها:

– القصاص في النفس، قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

– الدية في النفس، قال تعالى: {مَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}.

– التعزير في النفس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا».

5. حقوق النفس البشرية في الإسلام:

– لقد جعل الإسلام للنفس البشرية مجموعة من الحقوق التي يجب مراعاتها والحفاظ عليها ومنها:

– حق الحياة، قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}.

– حق الحرية، قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ}.

– حق الكرامة، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}.

6. واجبات النفس البشرية في الإسلام:

– لقد فرض الإسلام على النفس البشرية مجموعة من الواجبات التي يجب عليها القيام بها ومنها:

– عبادة الله تعالى، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.

– طلب العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة».

– العمل الصالح، قال تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}.

الخاتمة:

وفي الختام، فإن حرمة النفس البشرية من أهم القيم والمبادئ التي يجب أن نتمسك بها جميعًا، وأن نعمل على حمايتها والدفاع عنها، وأن ننبذ كل أشكال العنف والظلم والإرهاب التي تستهدف النفس البشرية وتنتهك حرمتها، سائلين المولى عز وجل أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل.

أضف تعليق