دعاء الشكر

دعاء الشكر

دعاء الشكر

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فإن دعاء الشكر من العبادات الجليلة التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ويثني فيها على نعمه ظاهرة كانت أم باطنة، كبيرة كانت أم صغيرة، فالشكر لله عز وجل واجب على كل مسلم ومسلمة، وهو أحد أهم أركان العبودية لله تعالى، قال الله تعالى في محكم تنزيله: “وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” (سورة آل عمران: 103).

أولاً: فضل دعاء الشكر:

1- إن دعاء الشكر من أفضل العبادات وأحبها إلى الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الأعمال إلى الله تعالى، الإيمان بالله، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله”.

2- إن دعاء الشكر يزيد العبد قربًا من ربه، ويرفع درجته في الجنة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من شكر الناس، فقد شكر الله، ومن لم يشكر الناس، فلم يشكر الله”.

3- إن دعاء الشكر يجعل العبد أكثر سعادة ورضا بقضاء الله وقدره، فعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يرض بقضاء الله، ولم يشكر على نعمائه، فليس من الله في شيء”.

ثانيًا: شروط دعاء الشكر:

1- أن يكون العبد على يقين بأن الله تعالى هو المنعم المتفضل، وأن كل ما لديه من نعم ظاهرة أو باطنة إنما هي من عند الله تعالى وحده لا شريك له.

2- أن يكون دعاء الشكر خالصًا لله تعالى خالصًا من الرياء والنفاق، وأن يكون العبد متواضعًا لله تعالى، شاكرًا له على نعمه مهما كانت صغيرة.

3- أن يكون دعاء الشكر متضمنًا الثناء على الله تعالى وشكره على نعمه، وأن يشتمل على الدعاء بالزيادة منه تعالى واستدامة نعمه.

ثالثًا: أنواع دعاء الشكر:

1- دعاء الشكر على النعم الظاهرة: وهي النعم التي يراها العبد ويحس بها بأحد حواسه الخمس، مثل نعمة الصحة والقوة والعافية، ونعمة المال والولد، ونعمة الأمن والاستقرار، ونعمة الطعام والشراب، ونعمة الكساء والمسكن، ونعمة العلم والمعرفة، ونعمة الإيمان والإسلام، ونعمة النصر والتمكين، وغير ذلك من النعم الظاهرة.

2- دعاء الشكر على النعم الباطنة: وهي النعم التي لا يراها العبد ولا يحس بها بأحد حواسه الخمس، مثل نعمة العقل والذكاء، ونعمة الهداية والإرشاد، ونعمة التوفيق والسداد، ونعمة السلامة من الأمراض والشرور، ونعمة الستر والعافية، ونعمة المغفرة والرحمة، ونعمة الجنة والنعيم المقيم، وغير ذلك من النعم الباطنة.

3- دعاء الشكر على النعم الخاصة والعامة: النعم الخاصة هي النعم التي يختص بها العبد دون غيره، مثل نعمة الولد الصالح، ونعمة الزوجة الصالحة، ونعمة المال والجاه، ونعمة العلم والفضيلة، ونعمة المنصب والسلطان، وغير ذلك من النعم الخاصة. أما النعم العامة فهي النعم التي يشترك فيها جميع الناس، مثل نعمة الأمن والاستقرار، ونعمة الطعام والشراب، ونعمة الكساء والمسكن، ونعمة العلم والمعرفة، ونعمة الإيمان والإسلام، ونعمة النصر والتمكين، وغير ذلك من النعم العامة.

رابعًا: صيغ وأدعية الشكر:

1- الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

2- الحمد لله على كل حال، والشكر لله على كل نعمة.

3- الحمد لله الذي أنعم عليّ بنعم لا تحصى ولا تعد، والشكر لله الذي فضلني على كثير من خلقه تفضيلاً.

4- الحمد لله الذي رزقني الإسلام، وهداني إلى صراطه المستقيم، والشكر لله الذي منّ علي بنعمة الإيمان والإيقان.

5- الحمد لله الذي رزقني الصحة والعافية، والقوة والنشاط، والشكر لله الذي عافاني من الأمراض والأسقام.

6- الحمد لله الذي رزقني المال والبنين، والأهل والأحباب، والشكر لله الذي أكمل عليّ نعمه ظاهرة وباطنة.

7- الحمد لله الذي وفقني لطاعته وعبادته، وجنبني معاصيه وسيئاته، والشكر لله الذي ستر عيوبي وستر ذنوبي.

خامسًا: آداب دعاء الشكر:

1- أن يبدأ العبد دعاء الشكر بالتوبة والاستغفار من الذنوب والخطايا، فإن الذنوب والمعاصي تحجب العبد عن عناية الله تعالى ورحمته.

2- أن يكون العبد خاشعًا متضرعًا في دعائه، وأن يكون قلبه حاضرًا مع الله تعالى، وأن يكون صوته منخفضًا، وأن يتجنب رفع الصوت بالدعاء.

3- أن يحرص العبد على أن يكون دعاءه خالصًا لله تعالى خالصًا من الرياء والنفاق، وأن يكون متواضعًا لله تعالى، شاكرًا له على نعمه مهما كانت صغيرة.

سادسًا: أوقات دعاء الشكر:

1- يمكن للعبد أن يدعو دعاء الشكر في أي وقت وفي أي مكان، ولكن هناك أوقات يكون فيها دعاء الشكر أكثر قبولاً وإجابة، مثل وقت السحر، ووقت ما بين الأذان والإقامة، ووقت صلاة الضحى، ووقت صلاة الاستسقاء، ووقت صلاة الكسوف، ووقت صلاة الاستخارة، ووقت صلاة التراويح، وغير ذلك من الأوقات المباركة.

2- يمكن للعبد أن يدعو دعاء الشكر عند حدوث أي نعمة من نعم الله تعالى، مثل نعمة الولد، ونعمة المال، ونعمة الصحة، ونعمة العافية، ونعمة النصر، ونعمة السلامة، ونعمة الهداية، ونعمة المغفرة، ونعمة الجنة، وغير ذلك من النعم.

3- يمكن للعبد أن يدعو دعاء الشكر عند انتهاء أي نقمة من نقم الله تعالى، مثل نقمة المرض، ونقمة الفقر، ونقمة الخوف، ونقمة الحزن، ونقمة الهم، ونقمة الكرب، ونقمة البلاء، وغير ذلك من النقم.

سابعًا: خاتمة:

إن دعاء الشكر من العبادات الجليلة التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ويثني فيها على نعمه ظاهرة كانت أم باطنة، كبيرة كانت أم صغيرة، فالشكر لله عز وجل واجب على كل مسلم ومسلمة، وهو أحد أهم أركان العبودية لله تعالى.

وقد ذكرنا في هذا المقال فضل دعاء الشكر، وشروطه، وأنواعه، وصيغه وأدعيته، وآدابه، وأوقاته، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى شكره وحمده على نعمه ظاهرة وباطنة، وأن يجعلنا من الشاكرين الحامدين، والحمد لله رب العالمين.

أضف تعليق