رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه

رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

لقد شاءت حكمة الله تعالى أن يرفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه، وذلك تخفيفًا عنهم ورحمة بهم، وذلك لأسباب كثيرة منها:

1. طبيعة البشر وقصورهم:

إن طبيعة البشر ونقصهم يجعلانهم معرضين للخطأ والنسيان والوقوع في الزلات، لذلك كان رفع مثل هذه الأمور عن هذه الأمة رحمة بها وتخفيفًا عليها.

فمن منا لم يقع في الخطأ أو يتعرض للنسيان أو يضطر إلى فعل شيء مكرهًا عليه؟

إن هذه الأمور جزء من طبيعتنا البشرية، وليس من العدل أو الحكمة أن نحاسب عليها.

2. المشقة والحرج:

إن الحساب على الخطأ والنسيان وما استُكره عليه من شأنه أن يلحق المشقة والحرج بالأمة، وذلك لأن هذه الأمور قد تحدث كثيرًا ولا يمكن تجنبها تمامًا.

فعلى سبيل المثال، قد ينسى المرء موعد صلاة أو يصلي متأخرًا عن وقته، وقد يخطئ في أداء بعض العبادات، وقد يضطر إلى ارتكاب معصية تحت الإكراه.

فلو كان الإنسان مسؤولاً عن مثل هذه الأمور، لوقع في الحرج والمشقة الشديدة.

3. التوفيق بين العدل والرحمة:

إن رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه عن هذه الأمة هو من مظاهر توازن وتوفيق الله تعالى بين العدل والرحمة، فالله تعالى عادل لا يظلم أحدًا، ولكنه في الوقت نفسه رحيم بعباده لا يكلفهم ما لا يطيقون.

فلو كان الإنسان مسؤولاً عن هذه الأمور، لوقع في الحرج والمشقة الشديدة، ولأُثقل كاهله بما لا يمكن أن يتحمله.

ولذلك كان من رحمة الله تعالى أن رفع عنه مثل هذه الأمور.

1. مفهوم رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه:

إن رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه يعني أن الله تعالى لا يحاسب هذه الأمة على هذه الأمور، ولا يعاقبها عليها.

وهذا يعني أن هذه الأمة معفو عنها في هذه الأمور، ولا يلزمها أن تتكلف أو تتكلف لتجنبها.

وذلك لأن هذه الأمور خارجة عن إرادتها ولا يمكنها التحكم فيها.

2. الأدلة على رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه:

وردت العديد من النصوص الشرعية التي تدل على رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه عن هذه الأمة، ومن هذه النصوص:

() حديث رفع القلم: وهو الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يعقل”.

() آية العفو عن الخطأ والنسيان: وهي الآية التي قال الله تعالى فيها: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].

() حديث عفو الله تعالى عما استُكره عليه: وهو الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أكره على شيء وليس له فيه طاقة فليس عليه إثم”.

3. شروط رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه:

لكي يرفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه عن الإنسان، يجب أن تتحقق فيه الشروط التالية:

() أن يكون الخطأ أو النسيان غير متعمد.

() أن يكون الإكراه حقيقيًا وجادًا.

() أن يكون الفعل المكره عليه محرمًا في حد ذاته.

4. الحكمة من رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه:

إن الحكمة من رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه عن هذه الأمة كثيرة، ومن هذه الحكمة:

() تخفيف المشقة والحرج عن هذه الأمة.

() التوفيق بين العدل والرحمة.

() إظهار رحمة الله تعالى وفضله على هذه الأمة.

5. أنواع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه:

ينقسم الخطأ والنسيان وما استُكره عليه إلى عدة أنواع، ومن هذه الأنواع:

() الخطأ في العقيدة: مثل أن يعتقد الإنسان أن الله تعالى أكثر من واحد، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاتم الأنبياء.

() الخطأ في العبادات: مثل أن يصلي الإنسان بدون وضوء، أو أن يصوم في يوم العيد.

() الخطأ في المعاملات: مثل أن يخدع الإنسان أخاه المسلم، أو أن يأكل ماله بالباطل.

() الخطأ في الأخلاق: مثل أن يكذب الإنسان، أو أن يغتاب أخاه المسلم.

6. آثار رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه:

لرفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه عن هذه الأمة آثار كثيرة، ومن هذه الآثار:

() تخفيف المشقة والحرج عن هذه الأمة.

() التوفيق بين العدل والرحمة.

() إظهار رحمة الله تعالى وفضله على هذه الأمة.

() تشجيع هذه الأمة على فعل الخير واجتناب الشر.

7. خصائص رفع الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه:

هناك عدة خصائص لرفع الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، منها:

() أنه عام يشمل جميع أفراد الأمة.

() أنه لا يقتصر على نوع معين من الخطأ أو النسيان أو الإكراه.

() أنه لا يشترط لرفعه توبة أو استغفار.

() أنه لا يسقط التكليف بفعل الواجب أو اجتناب المحرم.

الخاتمة:

إن رفع الخطأ والنسيان وما استُكره عليه عن هذه الأمة من أعظم النعم والفضائل التي أنعم الله تعالى بها عليها، وذلك لأن هذه الأمور خارجة عن إرادتها ولا يمكنها التحكم فيها.

لذلك يجب على هذه الأمة أن تشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، وأن تتقي الله تعالى وتجتنب المعاصي والذنوب، وأن تحرص على فعل الخيرات والطاعات.

أضف تعليق