هل العادة سرية تفسد الصيام

هل العادة سرية تفسد الصيام

هل العادة السرية تفسد الصيام؟

مقدمة:

الصيام عبادة عظيمة لها فضل كبير عند الله تعالى، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة التي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يؤدوها، وقد فرض الله تعالى الصيام على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة، وقد ورد في السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تحث على الصيام وتبين فضله العظيم، ولما للصيام من مكانة عظيمة عند الله تعالى، فقد حرص المسلمون على أدائه على أكمل وجه، وتجنب كل ما من شأنه أن يفسده أو ينقص من أجره، ومن الأمور التي يتساءل عنها بعض المسلمين هي حكم العادة السرية في الصيام، وهل أنها تفسد الصيام أم لا؟

حكم العادة السرية في الصيام:

اختلف الفقهاء في حكم العادة السرية في الصيام على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة الكبرى (الحنفية، والشافعية، والمالكية، والحنابلة) إلى أن العادة السرية تفسد الصيام، سواء كان ذلك في رمضان أو في غيره من أنواع الصيام، واستدلوا على ذلك بالأدلة التالية:

1. قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].

2. قوله ﷺ: “من جامع في رمضان عامداً متعمداً، فعليه عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً” [أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم].

3. أن العادة السرية تُفطر لأنها تُخرج المني، والمني هو ماء فيه نطفة الحياة، والنطفة هي أصل الإنسان، وإخراجها يُفطر الصائم.

القول الثاني: ذهب بعض الفقهاء من المذاهب الشيعية إلى أن العادة السرية لا تفسد الصيام، واستدلوا على ذلك بأن العادة السرية لا تُخرج المني، وإنما تُخرج ماءً لا نطفة فيه، وأن إخراج هذا الماء لا يُفطر الصائم.

أدلة القائلين بأن العادة السرية لا تفسد الصيام:

1. قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “لا بأس بالاستمناء للصائم”.

2. قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: “لا بأس بالاستمناء للصائم ما لم يُخرج المني”.

3. وقال الإمام الحسن العسكري رضي الله عنه: “لا بأس بالاستمناء للصائم ما لم يُفسد صومه”.

الراجح من القولين:

الراجح من القولين هو القول الأول وهو أن العادة السرية تُفطر الصائم، وذلك للأدلة التي ذكرها جمهور الفقهاء، ولأن العادة السرية تُخرج المني، والمني هو ماء فيه نطفة الحياة، والنطفة هي أصل الإنسان، وإخراجها يُفطر الصائم.

هل العادة السرية في رمضان لها كفارة معينة؟

من جامع أو مارس العادة السرية في رمضان فعليه كفارة كبيرة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

ولا تُجزئ الصدقة إلا إذا كانت طعاماً، فلا تُجزئ النقود ولا غيرها من أنواع الصدقة.

ويجب على من أفطر في رمضان أن يُتوب إلى الله تعالى ويستغفره، ويُكفر عن ذنبه حتى يُرفع عنه العقاب.

هل العادة السرية في غير رمضان تُفسد الصيام؟

العادة السرية تُفسد صيام التطوع، مثل صيام يوم عاشوراء ويوم عرفة وصيام الست من شوال وصيام النذر وغيرها من أنواع صيام التطوع.

ولكن العادة السرية لا تُفسد صيام القضاء، مثل قضاء رمضان وصيام كفارة اليمين.

وذلك لأن صيام القضاء هو واجب على من أفطر في رمضان بعذر شرعي، وعلى من عليه قضاء صيام أن يُكفر عن ذنبه حتى يُرفع عنه العقاب.

حكم العادة السرية في صيام الكفارات:

العادة السرية تُفسد صيام الكفارات، مثل صيام كفارة اليمين وكفارة الحنث وكفارة القتل الخطأ وغيرها من أنواع الكفارات.

وذلك لأن صيام الكفارات هو واجب على من ارتكب ذنباً عظيماً، وعلى من عليه كفارة أن يُكفر عن ذنبه حتى يُرفع عنه العقاب.

ومن أفطر في صيام الكفارات فعليه أن يُكفر عن ذنبه مرة أخرى، وذلك بصيام يومين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

الفرق بين العادة السرية والجماع في رمضان:

العادة السرية هي إخراج المني باليد أو بأي وسيلة أخرى، وهي تُفسد الصيام وتوجب الكفارة.

الجماع هو إدخال ذكر الرجل في فرج المرأة، وهو يُفسد الصيام ويُوجب الكفارة والعقوبة.

العقوبة على الجماع في رمضان هي الجلد مائة جلدة، والنفي لمدة عام، أو القتل رجماً بالحجارة إذا كان الجاني متزوجاً.

يُستثنى من العقوبة على الجماع في رمضان إذا كان الجاني مكرهًا أو مضطراً، مثل أن يُجبر الرجل على الجماع أو أن يُضطر إليه بسبب الخوف أو الجوع أو العطش.

كيف يُتجنب المسلم العادة السرية في رمضان؟

يُمكن للمسلم أن يتجنب العادة السرية في رمضان من خلال:

1. تقوية إيمانه وتقواه.

2. الإكثار من ذكر الله تعالى.

3. تلاوة القرآن الكريم.

4. الصلاة في وقتها.

5. الصوم عن الطعام والشراب والشهوات.

6. تجنب الأماكن والوسائل التي تُثير الشهوة.

7. الإكثار من الدعاء والطلب من الله تعالى أن يُعينه على الصيام.

أضف تعليق