هل كان الإسراء بالروح والجسد

هل كان الإسراء بالروح والجسد

المقدمة:

الإسراء والمعراج من الأحداث المهمة في حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف العلماء حول حقيقتهما، فمنهم من قال إنهما كانا بالروح والجسد، ومنهم من قال إنهما كانا بالروح فقط. وفي هذا المقال، سنناقش الأدلة على كل من الرأيين، ونحاول التوصل إلى استنتاج حول حقيقة الإسراء والمعراج.

أولاً: الأدلة على أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد:

1- القرآن الكريم:

وردت في القرآن الكريم آيات تشير إلى أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد، ومنها قوله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء: 1). وهذه الآية تدل على أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد أُسري به جسديًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.

2- السنة النبوية:

وردت في السنة النبوية أحاديث تدل على أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد، ومنها حديث رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: “أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بالبراق، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، فانطلق به حتى أتى بيت المقدس، فربط البراق بحلقة باب المسجد، ثم دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه ركعتين”. وهذا الحديث يدل على أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد أُسري به جسديًا إلى بيت المقدس، وأنه صلى فيه ركعتين.

3- إجماع الصحابة والتابعين:

أجمع الصحابة والتابعون على أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد، ولم ينقل عن أحد منهم خلاف ذلك. وهذا الإجماع يدل على أن الإسراء والمعراج كانا حقيقة واقعة، وأنهما لم يكونا مجرد رؤيا أو حلم.

ثانيًا: الأدلة على أن الإسراء والمعراج كانا بالروح فقط:

1- القرآن الكريم:

وردت في القرآن الكريم آيات تشير إلى أن الإسراء والمعراج كانا بالروح فقط، ومنها قوله تعالى: “وَلَقَدْ رَأَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى” (النجم: 13-18). وهذه الآيات تدل على أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد رأى جبريل في صورة رجل عند سدرة المنتهى، وأن هذا الرؤيا كان في المنام.

2- السنة النبوية:

وردت في السنة النبوية أحاديث تدل على أن الإسراء والمعراج كانا بالروح فقط، ومنها حديث رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: “لم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من فراشه ليلة أسري به، إلا عند الفجر”. وهذا الحديث يدل على أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يخرج من بيته جسديًا ليلة الإسراء، وأن الإسراء كان بالروح فقط.

3- أقوال المفسرين والفقهاء:

ذهب بعض المفسرين والفقهاء إلى أن الإسراء والمعراج كانا بالروح فقط، ومنهم الإمام ابن عباس رضي الله عنه، والإمام أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك بن أنس. واستدلوا على ذلك بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من الأدلة التي تشير إلى أن الإسراء والمعراج كانا بالروح فقط.

الخلاصة:

إن الأدلة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية في مسألة الإسراء والمعراج متعارضة، فبعضها يدل على أنهما كانا بالروح والجسد، وبعضها يدل على أنهما كانا بالروح فقط. وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الأدلة، فذهب بعضهم إلى أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد، وذهب بعضهم الآخر إلى أنهما كانا بالروح فقط. والرأي الراجح هو أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد، وذلك لأن الأدلة التي تدل على ذلك أقوى من الأدلة التي تدل على أنهما كانا بالروح فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *