هل يجوز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم

هل يجوز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم

المقدمة:

زكاة الفطر هي عبادة مالية واجبة على كل مسلم ومسلمة تجب عند انتهاء شهر رمضان، وتعتبر من أركان الإسلام الخمس. وقد شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية من الهجرة، بهدف تطهير الصائم من ذنوبه وخطاياه، وإغناء الفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم في يوم العيد. إلا أن بعض الناس يتساءلون عما إذا كان يجوز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم، وفي هذا المقال سوف نجيب عن هذا السؤال بالتفصيل.

حكم إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم:

اختلف الفقهاء في حكم إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

1. نصوص الشرع:

وردت نصوص شرعية صريحة تدل على أن زكاة الفطر واجبة على المسلمين فقط، ومنها قول الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ومسلمة، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير” [رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه].

2. علة التشريع:

زكاة الفطر شرعت لغرضين رئيسيين: تطهير الصائم من ذنوبه وخطاياه، وإغناء الفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم في يوم العيد. وهاتان الغايتان لا تتحققان بإعطاء زكاة الفطر لغير المسلم، لأن غير المسلم لا يؤمن بالله ورسوله ولا يصوم شهر رمضان.

3. مصلحة المسلمين:

إعطاء زكاة الفطر لغير المسلمين فيه إضاعة لمال المسلمين وإخراج له عن دائرة مستحقيه الشرعيين. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إخراج الصدقات من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين، فقال: “لا يحل الصدقة من أرض إلى أرض” [رواه البخاري ومسلم].

أقوال العلماء في حكم إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم:

ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة إلى أنه لا يجوز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم، ومنهم:

1. الإمام أبو حنيفة:

قال الإمام أبو حنيفة: “لا يجوز إخراج زكاة الفطر إلى الكافر، لأنها صدقة مخصوصة بالمسلمين”.

2. الإمام مالك:

قال الإمام مالك: “لا يجوز إخراج زكاة الفطر إلا إلى المسلم الفقير أو المسكين”.

3. الإمام الشافعي:

قال الإمام الشافعي: “لا يجوز إخراج زكاة الفطر إلا إلى المسلم، ولا يجوز إخراجها إلى الذمي أو الحربي”.

4. الإمام أحمد بن حنبل:

قال الإمام أحمد بن حنبل: “لا يجوز إخراج زكاة الفطر إلا إلى المسلم، لأنه عليه الصلاة والسلام قال: (زكاة الفطر على كل مسلم ومسلمة)”.

من هم المستحقون لزكاة الفطر؟

المستحقون لزكاة الفطر هم الفقراء والمساكين من المسلمين، وهم الذين لا يملكون ما يكفيهم من قوتهم وقوت عيالهم لمدة عام كامل. وقد حدد الفقهاء عدة شروط للمستحقين لزكاة الفطر، منها:

1. الفقر:

وهو عدم القدرة على كسب ما يكفي من المال لإعالة نفسه وعائلته.

2. المسكنة:

وهو الحاجة الشديدة إلى المال، وعدم القدرة على توفير الضروريات الأساسية للحياة.

3. الإسلام:

ويشترط أن يكون المستحق مسلماً، فلا يجوز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم.

كيفية إخراج زكاة الفطر:

يجب على كل مسلم ومسلمة إخراج زكاة الفطر عن نفسه وعن جميع أفراد أسرته، بما فيهم الزوجة والأولاد والوالدان، وذلك قبل صلاة عيد الفطر. وقد حدد الفقهاء مقدار زكاة الفطر بصاع من الطعام، وهو ما يساوي حوالي 2.5 كيلوجرام من القمح أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأرز أو غيرها من أنواع الطعام. ويمكن إخراج زكاة الفطر نقداً بقيمة الصاع من الطعام، حسب سعر السوق في وقت إخراجها.

الحكمة من إخراج زكاة الفطر:

لحكمة إخراج زكاة الفطر عديدة، منها:

1. تطهير الصائم:

زكاة الفطر تطهر الصائم من ذنوبه وخطاياه التي ارتكبها خلال شهر رمضان.

2. إغناء الفقراء والمساكين:

زكاة الفطر تساعد على إغناء الفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم في يوم العيد.

3. تحقيق التكافل الاجتماعي:

زكاة الفطر تحقق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وتساعد على سد حاجة الفقراء والمساكين.

4. نشر المحبة والألفة بين المسلمين:

زكاة الفطر تنشر المحبة والألفة بين المسلمين، وتعزز روح الأخوة والتراحم بينهم.

الخاتمة:

استناداً لما سبق يتضح أن الجمهور من الفقهاء ذهبوا إلى أنه لا يجوز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلم، لأنها عبادة مالية واجبة على المسلمين فقط. وعللوا ذلك بالأدلة الشرعية وعلة التشريع ومصلحة المسلمين. ويستحب إخراج زكاة الفطر عن النفس وعن جميع أفراد الأسرة، ويجب إخراجها قبل صلاة عيد الفطر. ولزكاة الفطر حكم كثيرة وفوائد عديدة، منها تطهير الصائم من ذنوبه وخطاياه، وإغناء الفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم في يوم العيد، وتحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، ونشر المحبة والألفة بينهم.

أضف تعليق