الزكاة هي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي فرض واجب على كل مسلم ومسلمة قادرين عليها. وهي حق للفقراء والمساكين، ولها العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية. وقد جعل الله تعالى الزكاة تطهيرًا للنفس والمال، وتنميةً للخيرات ونشرًا للعدل والمساواة في المجتمع الإسلامي.
هل يجوز إعطاء الزكاة للوالدين؟
اختلف العلماء في جواز إعطاء الزكاة للوالدين، فذهب بعضهم إلى الجواز، وذهب آخرون إلى المنع. واستدل المجيزون بعموم قوله تعالى: {وآت ذا القربى حقه} [سورة الروم:38]، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الصَّدَقَة على المسكين صَدَقَة، وعلى ذي الرَّحِم اثنتان: صَدَقَة وصلة” [رواه الترمذي]. واستدل المانعون بأن الوالدين ليسا من الأصناف الثمانية التي نص عليها القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة:60].
أقوال العلماء في جواز إعطاء الزكاة للوالدين
1. الرأي الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز إعطاء الزكاة للوالدين، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها:
أن الوالدين ليسا من الأصناف الثمانية التي نص عليها القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة:60].
أن إعطاء الزكاة للوالدين قد يؤدي إلى إهمالهم في الإنفاق عليهم، لأنهم يعتمدون على الزكاة في سد حاجاتهم.
أن إعطاء الزكاة للوالدين قد يؤدي إلى الإحراج لهم، لأنهم قد يشعرون أنهم يتسولون من أولادهم.
2. الرأي الثاني: ذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز إعطاء الزكاة للوالدين، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها:
أن الوالدين من ذوي القربى، وقد أمر الله تعالى بإيتاء ذوي القربى حقهم في قوله تعالى: {وآت ذا القربى حقه} [سورة الروم:38].
أن الوالدين قد يكونان فقيرين أو مساكين، وبالتالي يجوز إعطاؤهما الزكاة.
أن إعطاء الزكاة للوالدين قد يكون نوعًا من البر وصلة الرحم، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صلة الرحم في أحاديث كثيرة.
3. الرأي الثالث: ذهب بعض العلماء إلى التفصيل في جواز إعطاء الزكاة للوالدين، فإذا كان الوالدان فقيرين أو مساكين جاز إعطاؤهما الزكاة، أما إذا كانا غنيين فلا يجوز إعطاؤهما الزكاة.
شروط جواز إعطاء الزكاة للوالدين
إذا كان الوالدان فقيرين أو مساكين، يجوز إعطاؤهما الزكاة بشرط أن تتوفر فيهما الشروط الآتية:
1. أن يكونا مسلمين: لا يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين، لأن الزكاة حق للفقراء والمساكين المسلمين فقط.
2. أن يكونا فقيرين أو مساكين: الفقير هو الذي لا يملك ما يكفيه من المال والطعام والمسكن والكساء، والمسكين هو الذي يملك شيئًا من ذلك ولكنه لا يكفيه.
3. أن لا يكونا قادرين على الكسب: لا يجوز إعطاء الزكاة لمن يستطيع الكسب ويستغني عن الزكاة.
4. أن لا يكونا مدينين: لا يجوز إعطاء الزكاة لمن عليه ديون، لأن دينه مقدم على الزكاة.
5. أن لا يكونا من الأصناف الثمانية التي نص عليها القرآن الكريم: لا يجوز إعطاء الزكاة للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل.
كيفية إعطاء الزكاة للوالدين
إذا توفرت الشروط السابقة في الوالدين، فيجوز إعطاؤهما الزكاة بالطريقة الآتية:
1. أن يخرج المسلم الزكاة من ماله، ثم يعطيها للوالدين مباشرة أو عن طريق وكيل عنه.
2. أن يضع المسلم الزكاة في صندوق الزكاة، ثم يطلب من القائمين على الصندوق أن يعطوها للوالدين.
3. أن يدفع المسلم الزكاة إلى جهة رسمية مختصة بتوزيع الزكاة، ثم يطلب من هذه الجهة أن تعطيها للوالدين.
فوائد إعطاء الزكاة للوالدين
هناك العديد من الفوائد لإعطاء الزكاة للوالدين، منها:
1. بر الوالدين: إعطاء الزكاة للوالدين هو أحد أنواع البر وصلة الرحم، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صلة الرحم في أحاديث كثيرة.
2. إدخال السرور على الوالدين: إعطاء الزكاة للوالدين يدخل السرور على قلوبهم، ويجعلهم يشعرون بأنهم محبوبون ومقدرون من أبنائهم.
3. تخفيف العبء المالي عن الوالدين: إعطاء الزكاة للوالدين يساعدهم على سد حاجاتهم وتخفيف العبء المالي عنهم، خاصة إذا كانوا من كبار السن أو المرضى.
4. تنمية روح التكافل والتراحم في المجتمع: إعطاء الزكاة للوالدين يساهم في تنمية روح التكافل والتراحم في المجتمع الإسلامي، لأن الزكاة هي حق للفقراء والمساكين، وإعطاؤها للوالدين الفقراء والمساكين هو نوع من التكافل والتراحم.
خاتمة
الزكاة هي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي فرض واجب على كل مسلم ومسلمة قادرين عليها. وهي حق للفقراء والمساكين، ولها العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية. وقد جعل الله تعالى الزكاة تطهيرًا للنفس والمال، وتنميةً للخيرات ونشرًا للعدل والمساواة في المجتمع الإسلامي.