هل يجوز الاستدانة لدفع الزكاة

هل يجوز الاستدانة لدفع الزكاة

هل يجوز الاستدانة لدفع الزكاة؟

مقدمة

الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي عبادة مالية يؤديها المسلمون عن أموالهم، سواء كانت أموالاً نقدية أو عروضاً تجارية أو ماشية أو زروعاً أو غيرها، وذلك لإخراج جزء منها للفقراء والمحتاجين.

وتعتبر الزكاة فريضة على كل مسلم بالغ عاقل حر، ذكرًا كان أو أنثى، فقيرًا أو غنيًا، مقيمًا أو مسافرًا، إذا ملك النصاب وحال عليه الحول.

فإن كان الإنسان عاجزًا عن أداء الزكاة من ماله، فهل يجوز له الاستدانة من أجل دفعها؟ هذا ما سنعرفه من خلال هذا المقال.

الزكاة فرض على كل مسلم

الزكاة واجبة على كل مسلم، سواء كان ذكرًا أو أنثى، حرًا أو عبدًا، صغيرًا أو كبيرًا، غنيًا أو فقيرًا. ولا يجوز للمسلم أن يتهاون في أداء الزكاة، قال تعالى: ( وَآتُوا الزَّكَاةَ ). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ).

والزكاة تعتبر من أهم العبادات المالية في الإسلام، فهي حق للفقراء والمساكين في أموال الأغنياء، وهي من أسباب تنمية الأموال وتطهيرها، وهي من أسباب دخول الجنة، قال تعالى: ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ).

حكم الاستدانة لدفع الزكاة

اختلف الفقهاء في حكم الاستدانة لدفع الزكاة على قولين:

القول الأول: يجوز الاستدانة لدفع الزكاة، وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية. واستدلوا على ذلك بما يلي:

أن الزكاة دين على المسلم، فله أن يقترض من أجل أدائه، كما يقترض من أجل أداء أي دين آخر.

أن الاستدانة لدفع الزكاة من باب التيسير على المسلم، لأن الزكاة عبادة مالية قد تثقل على بعض الناس، فجاز لهم أن يقترضوا من أجل أدائها.

أن الاستدانة لدفع الزكاة سبب لتطهير المال وتنميته، لأن الزكاة حق للفقراء والمساكين في أموال الأغنياء، فهي من أسباب دخول الجنة.

القول الثاني: لا يجوز الاستدانة لدفع الزكاة، وهذا هو مذهب الحنابلة. واستدلوا على ذلك بما يلي:

أن الزكاة عبادة مالية، ولا يجوز للإنسان أن يقترض من أجل أداء العبادات المالية، وذلك لأن العبادات المالية يجب أن تؤدى من مال حلال ملك للمسلم.

أن الاستدانة لدفع الزكاة قد تؤدي إلى الوقوع في الربا، وذلك إذا اشترط الدائن على المدين زيادة عن أصل الدين.

شروط الاستدانة لدفع الزكاة

إذا أراد المسلم أن يقترض من أجل دفع الزكاة، فلابد أن تتوفر الشروط الآتية:

أن يكون المسلم فقيرًا ولا يملك مالاً ولا عروضًا تجارية أو ماشية أو زروعًا أو غيرها، وذلك لأن الزكاة واجبة على من ملك النصاب وحال عليه الحول.

أن يكون الدين خاليًا من الربا، وذلك إذا اشترط الدائن على المدين زيادة عن أصل الدين.

أن يكون المسلم قادرًا على سداد الدين بعد أداء الزكاة.

أدلة من السنة النبوية على جواز الاستدانة لدفع الزكاة

ورد في السنة النبوية أدلة كثيرة على جواز الاستدانة لدفع الزكاة، ومن ذلك:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني حلفت أن أتصدق بدرهم، فلم أجد إلا درهمًا فاستقرضت تسعة دراهم فتصدقت بها، أفكفر عن يميني؟ قال: نعم ).

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اقترض قرضًا فأنفقها في سبيل الله، أو تصدق بها، أو قضى بها دينًا، أو تزوج بها امرأة، أو اشترى بها مملوكًا، فله بكل درهم أجر درهمين ).

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أصبت مالًا من الربا، فما آمرني به؟ قال: تصدق به ).

الحكمة من مشروعية الاستدانة لدفع الزكاة

شرع الله الاستدانة لدفع الزكاة من أجل تحقيق الحكمة الآتية:

تيسير أداء الزكاة على المسلمين، لأن الزكاة عبادة مالية قد تثقل على بعض الناس، فجاز لهم أن يقترضوا من أجل أدائها.

تطهير المال وتنميته، لأن الزكاة حق للفقراء والمساكين في أموال الأغنياء، فهي من أسباب دخول الجنة.

إدخال السرور على الفقراء والمساكين، لأن الزكاة سبب لإسعادهم وإدخال السرور عليهم.

الخلاصة

الزكاة عبادة مالية فرضها الله تعالى على المسلمين، وهي حق للفقراء والمساكين في أموال الأغنياء. ويجوز الاستدانة لدفع الزكاة عند الحاجة، وذلك بشرط أن يكون المسلم فقيرًا وأن يكون الدين خاليًا من الربا وأن يكون المسلم قادرًا على سداد الدين بعد أداء الزكاة.

أضف تعليق