هل يجوز التهنئه بالسنه الميلاديه

هل يجوز التهنئه بالسنه الميلاديه

هل يجوز التهنئة بالسنة الميلادية؟

المقدمة:

السنة الميلادية هي التقويم الذي يستخدم في معظم دول العالم، وهو يبدأ من ميلاد المسيح عيسى عليه السلام. ويحتفل المسيحيون في جميع أنحاء العالم برأس السنة الميلادية في 1 يناير/كانون الثاني من كل عام. فهل يجوز للمسلمين تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية؟ هذا السؤال أثار جدلاً كبيرًا بين المسلمين، فهناك من يرى أنه لا يجوز تهنئة المسيحيين بعيدهم، وهناك من يرى أنه يجوز ذلك ما دام لا يتضمن شركًا بالله أو إقرارًا بعقائد المسيحيين.

أولاً: الأدلة الشرعية على جواز تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية:

1. قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (العنكبوت: 46). وهذه الآية تدل على وجوب معاملة أهل الكتاب بالحسنى، ومن ذلك تهنئتهم بأعيادهم.

2. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم”. وهذا الحديث يدل على أن التشبه بالكفار في أعيادهم وشعائرهم من الأمور المنهي عنها. ولكن تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية لا تعتبر تشبهًا بهم، لأنها مجرد معايدة لهم بمناسبة اجتماعية وليس عبادة دينية.

3. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لأحد أن يلبس ثوب شهرة في غير معنى”. وهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز ارتداء الملابس التي تدل على الشهرة والتباهي في غير موضعها. ولكن ارتداء الملابس الاحتفالية بمناسبة السنة الميلادية لا يعتبر شهرة، لأنها مجرد تعبير عن الفرح والسرور.

ثانيًا: الأدلة الشرعية على منع تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية:

1. قوله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2). وهذه الآية تدل على أنه لا يجوز التعاون مع الكفار في المعاصي والآثام. وتهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية قد تعتبر من قبيل التعاون معهم في إحياء عيدهم الديني، وهو ما قد يترتب عليه إشاعة الفساد والمنكرات.

2. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”. وهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز إحداث أي شيء جديد في الدين لم يكن موجودًا من قبل. وتهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية من الأمور المحدثة في الدين، لأنها لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة والتابعين.

3. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لعن الله المتشبهات من الرجال بالنساء والمتشبهين من النساء بالرجال”. وهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز التشبه بالكفار في أي شيء من أمورهم، ومن ذلك التشبه بهم في أعيادهم وشعائرهم.

ثالثًا: آراء العلماء في جواز تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية:

1. يرى جمهور العلماء من السلف والخلف أنه لا يجوز تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية، لأنها من أعياد الكفار، وتهنئتهم بها تعتبر إقرارًا بعقائدهم وأعيادهم.

2. يرى بعض العلماء المعاصرين أنه يجوز تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية إذا كانت هذه التهنئة خالية من أي شرك أو إقرار بعقائد المسيحيين.

3. يرى بعض العلماء المعاصرين أنه يجوز تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية إذا كانت هذه التهنئة مجرد معايدة اجتماعية لا تتضمن أي إقرار بعقائد المسيحيين أو إحياء لشعائرهم الدينية.

رابعًا: الحكمة من تحريم تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية:

1. حفظ العقيدة الإسلامية من الانحراف والتشبه بالكفار.

2. منع إشاعة الفساد والمنكرات في المجتمع الإسلامي.

3. إظهار الولاء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والابتعاد عن كل ما يمس عقيدة التوحيد.

خامسًا: الحكمة من جواز تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية:

1. إظهار سماحة الإسلام وتسامحه مع أصحاب الديانات الأخرى.

2. بناء جسور التواصل بين المسلمين والمسيحيين وتعزيز الحوار بين الأديان.

3. إظهار المحبة والاحترام بين المسلمين والمسيحيين في إطار التعايش السلمي المشترك.

سادسًا: ضوابط تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية:

1. يجب أن تكون التهنئة مجرد معايدة اجتماعية لا تتضمن أي إقرار بعقائد المسيحيين أو إحياء لشعائرهم الدينية.

2. يجب أن تكون التهنئة خالية من أي شرك أو إقرار بألوهية المسيح أو نبوته.

3. يجب أن لا تتضمن التهنئة أي مظاهر للاحتفال أو الفرح المبالغ فيه، وأن تكون متناسبة مع روح الإسلام وتعاليمه.

سابعًا: الخاتمة:

تهنئة المسيحيين بالسنة الميلادية مسألة خلافية بين المسلمين، فمنهم من يرى أنها جائزة ومنهم من يرى أنها منكرة. وقد ذكرنا في هذا المقال الأدلة الشرعية وآراء العلماء في هذه المسألة، والحكمة من تحريم التهنئة أو جوازها، وضوابط التهنئة إذا كان جائزة. والله أعلم بالصواب.

أضف تعليق