مقدمة:
في ظل عالم مليء بالتعددية الدينية والثقافية، يواجه المسلمون باستمرار أسئلة حول التعامل مع أتباع الديانات الأخرى. من بين هذه الأسئلة ما إذا كان يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، مثل عيد الميلاد وعيد الفصح. في هذا المقال، سنتناول هذه المسألة بالتفصيل، مستعرضين الأدلة الشرعية وآراء العلماء المسلمين حول جواز أو عدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم.
الأدلة الشرعية:
القرآن الكريم:
دعوة الإسلام إلى حسن التعامل مع غير المسلمين، وعدم الإكراه في الدين: (لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) [سورة البقرة: 256].
الأمر بالعدل والإحسان إلى غير المسلمين: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) [سورة المائدة: 8].
السنة النبوية:
حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على معاملة غير المسلمين بالرفق واللين: (أنتم معشر إخواننا من أهل الكتاب، ومن آذى أخاه فقد آذاني) [رواه أحمد].
نهي النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن شتم أو لعن غير المسلمين: (لا تسبوا الأوثان، فيسبوا الله بغير علم) [رواه البخاري].
آراء العلماء المسلمين:
تباينت آراء العلماء المسلمين حول جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم:
الرأي الأول: يرى جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، مستندين إلى الأدلة الشرعية التي تدعو إلى حسن التعامل مع غير المسلمين. ومن أبرز علماء هذا الرأي:
الشيخ يوسف القرضاوي: قال: “لا مانع من تهنئة المسيحيين بعيدهم، لأنها من باب المعاشرة الحسنة معهم، ومراعاة للروابط الإنسانية المشتركة”.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين: قال: “يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، لأنها من باب الإحسان إليهم، والإحسان مطلوب في الإسلام”.
الرأي الثاني: يرى عدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، مستندين إلى أنه فيه إقرار لمعتقداتهم وممارساتهم الدينية، والتي قد تكون مخالفة للشريعة الإسلامية. ومن أبرز علماء هذا الرأي:
الشيخ عبد العزيز بن باز: قال: “لا يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، لأنها من أعياد الكفر، وتحية الكافرين على أعيادهم إقرار لهم على كفرهم”.
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: قال: “لا يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، لأنها من مظاهر الشرك، وموالاة المشركين في دينهم كبيرة من كبائر الذنوب”.
الخلاصة:
تباينت آراء العلماء المسلمين حول جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، إلا أن الرأي الراجح هو جواز التهنئة، وذلك لما ورد من أدلة شرعية تدعو إلى حسن التعامل مع غير المسلمين، وعدم الإكراه في الدين. ومع ذلك، يجب أن تكون التهنئة بشكل عام، لا بشكل خاص، وأن تكون خالية من أي إقرار بمعتقدات المسيحيين وممارساتهم الدينية.