هل يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

هل يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

هل يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم؟

مقدمة

يعتبر موضوع تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من المواضيع الخلافية التي لا تزال محل جدل بين المسلمين، إذ يرى البعض أنه لا يجوز تهنئتهم بأعيادهم بينما يرى البعض الآخر أنه لا حرج في ذلك. وفي هذه المقالة، سنحاول استعراض الآراء المختلفة حول هذا الموضوع والاستدلال عليها، ومن ثم التوصل إلى رأي حاسم في هذا الشأن.

من هم غير المسلمين؟

يقصد بغير المسلمين جميع الأشخاص الذين لا ينتمون إلى الديانة الإسلامية، ويشمل ذلك المسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس وغيرهم. ويجدر بالذكر أن غير المسلمين يشكلون نسبة كبيرة من سكان العالم، حيث يبلغ عددهم حوالي 2.2 مليار نسمة، أي ما يعادل حوالي 30% من سكان العالم.

ما هي أعياد غير المسلمين؟

تختلف أعياد غير المسلمين باختلاف دياناتهم ومعتقداتهم، ولكن أشهر هذه الأعياد هي:

– عيد الميلاد: وهو العيد الذي يحتفل به المسيحيون في 25 ديسمبر من كل عام، ويصادف هذا العيد ذكرى ميلاد المسيح عيسى عليه السلام.

– عيد الفصح: وهو العيد الذي يحتفل به المسيحيون في شهر أبريل من كل عام، ويصادف هذا العيد ذكرى قيامة المسيح عيسى عليه السلام من بين الأموات.

– عيد الهانوكا: وهو العيد الذي يحتفل به اليهود في شهر ديسمبر من كل عام، ويصادف هذا العيد ذكرى انتصار المكابيين على اليونانيين.

– عيد الديوالي: وهو العيد الذي يحتفل به الهندوس في شهر أكتوبر أو نوفمبر من كل عام، ويصادف هذا العيد ذكرى انتصار الإله راما على الإله رافانا.

هل يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم؟

اختلفت آراء العلماء المسلمين حول جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، ويمكن تلخيص هذه الآراء على النحو التالي:

– الرأي الأول: يرى هذا الرأي أنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وذلك لأن هذه الأعياد تعتبر من شعائر دينهم، ومن ثم فإن تهنئتهم بها يعد مشاركة لهم في هذه الشعائر.

– الرأي الثاني: يرى هذا الرأي أنه يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وذلك لأن هذه التهنئة لا تعتبر مشاركة لهم في شعائر دينهم، وإنما هي مجرد شكل من أشكال المجاملة والود الاجتماعي.

– الرأي الثالث: يرى هذا الرأي أنه يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم بشرط ألا يكون ذلك مصحوبًا بأي مظاهر للشرك أو الكفر، مثل إضاءة شجرة عيد الميلاد أو توزيع الهدايا على الأطفال.

أدلة الرأي الأول

يستند الرأي الأول الذي يرى أنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم على عدد من الأدلة، منها:

– قوله تعالى: “وَلا تُمَاكِرُوهُمْ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ” (الأنفال: 39).

– قوله تعالى: “فَارْهَبُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (التغابن: 16).

– قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم”.

أدلة الرأي الثاني

يستند الرأي الثاني الذي يرى أنه يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم على عدد من الأدلة، منها:

– قوله تعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا” (البقرة: 83).

– قوله تعالى: “وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (النحل: 125).

– قول النبي صلى الله عليه وسلم: “خير الناس أنفعهم للناس”.

أدلة الرأي الثالث

يستند الرأي الثالث الذي يرى أنه يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم بشرط ألا يكون ذلك مصحوبًا بأي مظاهر للشرك أو الكفر على عدد من الأدلة، منها:

– قوله تعالى: “وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ” (الأنعام: 108).

– قوله تعالى: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (النحل: 125).

– قول النبي صلى الله عليه وسلم: “المرء مع من أحب”.

الرأي الراجح

بعد استعراض الأدلة المختلفة حول جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، نرى أن الرأي الراجح هو أنه يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم بشرط ألا يكون ذلك مصحوبًا بأي مظاهر للشرك أو الكفر. وذلك لأن التهنئة في حد ذاتها لا تعتبر مشاركة لهم في شعائر دينهم، وإنما هي مجرد شكل من أشكال المجاملة والود الاجتماعي.

خاتمة

وفي نهاية هذه المقالة، نؤكد على أهمية الحوار والتفاهم بين المسلمين وغير المسلمين، وأن نتعامل معهم بأخلاق الإسلام الحنيف التي تدعو إلى التسامح والرحمة والعدل. كما نؤكد على ضرورة نبذ التعصب والعداء والكراهية تجاه الآخرين، بغض النظر عن دياناتهم أو معتقداتهم.

أضف تعليق