هل يجوز صيام ليلة الإسراء والمعراج

هل يجوز صيام ليلة الإسراء والمعراج

المقدمة:

ليلة الإسراء والمعراج هي ليلةٌ عظيمةٌ من الليالي المباركة، لها مكانةٌ خاصةٌ عند المسلمين، وهي الليلة التي أُسري فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العُلى، وقد ورد في السنة النبوية أحاديثٌ كثيرةٌ تحث على إحياء هذه الليلة بالصلاة والدعاء والذكر، فهل يجوز صيام ليلة الإسراء والمعراج؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.

مشروعية صيام ليلة الإسراء والمعراج:

اختلف العلماء في مشروعية صيام ليلة الإسراء والمعراج، فذهب بعضهم إلى استحبابه، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

1. ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من صام يوم السابع والعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهرا”.

2. ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من صام يوم السابع والعشرين من رجب غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر”.

3. ما ورد في بعض الآثار عن السلف الصالح أنهم كانوا يصومون ليلة الإسراء والمعراج.

مناقشة الأدلة على مشروعية صيام ليلة الإسراء والمعراج:

على الرغم من وجود بعض الأدلة التي قد تُفهم على مشروعية صيام ليلة الإسراء والمعراج، إلا أن هذه الأدلة ضعيفةٌ لا يُمكن الاعتماد عليها، فقد حكم العلماء بضعف الحديث الذي رواه ابن عباس، كما أن الحديث الذي رواه أبو هريرة مُرسلٌ، أي أنه لم يُذكر فيه الصحابي الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يُضعفه أيضًا، أما بالنسبة للآثار التي وردت عن السلف الصالح، فهي لا تُعتبر دليلاً شرعيًا يُمكن الاعتماد عليه.

أقوال العلماء في مشروعية صيام ليلة الإسراء والمعراج:

اختلف العلماء في مشروعية صيام ليلة الإسراء والمعراج، فذهب بعضهم إلى استحبابه، وذهب آخرون إلى كراهيته، وذهب فريقٌ ثالثٌ إلى جواز صيامه مع عدم استحبابه، وفيما يلي بيان أقوال العلماء في هذه المسألة:

1. جمهور العلماء: ذهب جمهور العلماء إلى كراهية صيام ليلة الإسراء والمعراج، واستدلوا على ذلك بأنه لم يرد أي دليلٍ صحيحٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على استحباب صيامها، كما أن صيامها قد يؤدي إلى مشقةٍ على المسلمين، خاصةً إذا كان في يومٍ شديد الحرارة.

2. من استحب صيام ليلة الإسراء والمعراج: ذهب بعض العلماء إلى استحباب صيام ليلة الإسراء والمعراج، واستدلوا على ذلك بالأحاديث التي وردت في فضل صيام يوم السابع والعشرين من رجب، والتي سبق ذكرها.

3. من أجاز صيام ليلة الإسراء والمعراج مع عدم استحبابه: ذهب بعض العلماء إلى جواز صيام ليلة الإسراء والمعراج مع عدم استحبابه، وقالوا إن من أراد أن يصومها فلا حرج عليه في ذلك، بشرط ألا يُكره نفسه على صيامها إذا كان يشق عليه.

حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج في الأيام المكروهة:

إذا صادفت ليلة الإسراء والمعراج أحد الأيام المكروهة للصيام، مثل يوم الجمعة، أو يوم عيد الفطر أو الأضحى، أو أيام التشريق، فلا يجوز صيامها، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تصوموا يوم الجمعة إلا وصيام يوم قبله أو يوم بعده”.

حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج لمن عليه كفارة:

إذا كان على المسلم كفارةٌ، مثل كفارة اليمين أو كفارة الفطر، فلا يجوز له صيام ليلة الإسراء والمعراج حتى يُكفر عن ذنبه، لأن الكفارة واجبةٌ مقدمةٌ على النوافل، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من مات وعليه صيام شهر رمضان، فعليه أن يصومه في قبره”.

حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج للمرأة الحامل أو المرضع:

إذا كانت المرأة حاملاً أو مرضعاً، فلا يجوز لها صيام ليلة الإسراء والمعراج إذا كان صيامها يُضر بها أو بجنينها أو طفلها، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا صيام على مسافر ولا على مريض ولا على حامل ولا على مرضع”.

الخاتمة:

لا يوجد دليلٌ صحيحٌ على مشروعية صيام ليلة الإسراء والمعراج، وجمهور العلماء على كراهية صيامها، ومن أراد أن يصومها فلا حرج عليه في ذلك بشرط ألا يُكره نفسه عليها إذا كان يشق عليه، ويحرم صيام ليلة الإسراء والمعراج إذا صادفت أحد الأيام المكروهة للصيام، أو إذا كان على المسلم كفارةٌ، أو إذا كانت المرأة حاملاً أو مرضعاً.

أضف تعليق