هل يجوز للجنب قراءة القرآن من الهاتف

هل يجوز للجنب قراءة القرآن من الهاتف

هل يجوز للجنب قراءة القرآن من الهاتف؟

المقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فقد اختلف العلماء في حكم قراءة القرآن للجنب، فذهب بعضهم إلى جواز قراءته من الهاتف، وذهب آخرون إلى تحريمه، وفي هذا المقال سنتناول حكم قراءة القرآن للجنب من الهاتف بالتفصيل، مستعرضين أدلة كل فريق ومرجحاته.

1. تعريف الجنابة:

الجنابة هي حالة من النجاسة يصاب بها المسلم بعد الجماع، أو بعد خروج المني منه لأي سبب آخر، وهي تمنع المسلم من أداء بعض العبادات، مثل الصلاة والطواف حول الكعبة المشرفة، وقراءة القرآن الكريم، وذلك لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى، ويجب على المسلم أن يكون طاهراً عند قراءته.

2. أدلة تحريم قراءة القرآن للجنب:

• الدليل الأول: قال الله تعالى في سورة المدثر: “يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ”، وقد فسر العلماء هذه الآية بأنها تدل على وجوب الطهارة عند قراءة القرآن الكريم، والجنابة من أسباب النجاسة، وبالتالي فهي تمنع المسلم من قراءة القرآن.

• الدليل الثاني: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يقرأ الجنب شيئاً من القرآن”، وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صريح في تحريم قراءة القرآن للجنب.

• الدليل الثالث: أجمع العلماء على تحريم قراءة القرآن للجنب، ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء، وهذا الإجماع حجة شرعية يجب اتباعها، وهو دليل قوي على تحريم قراءة القرآن للجنب.

3. أدلة جواز قراءة القرآن للجنب:

• الدليل الأول: قال الله تعالى في سورة النساء: “وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا”، وقد فسر العلماء هذه الآية بأنها تدل على وجوب الطهارة عند ملامسة المصحف الشريف، وليس عند قراءة القرآن الكريم، وقراءة القرآن الكريم لا تستلزم ملامسة المصحف الشريف، وبالتالي فهي جائزة للجنب.

• الدليل الثاني: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر”، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يقرأ القرآن إلا متوضئ”، وهذا يدل على أن الطهارة المطلوبة لقراءة القرآن الكريم ليست هي الطهارة التي تطلب للصلاة، وبالتالي فهي لا تشمل الجنابة.

• الدليل الثالث: روي عن بعض الصحابة والتابعين أنهم كانوا يقرؤون القرآن الكريم وهم جنب، ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة أو التابعين، وهذا يدل على جواز قراءة القرآن للجنب.

4. ترجيح أدلة التحريم:

بالرجوع إلى الأدلة السابقة يتبين أن أدلة تحريم قراءة القرآن للجنب أقوى من أدلة الجواز، وذلك للأسباب التالية:

• الدليل الأول على التحريم آية قرآنية صريحة، بينما الدليل الأول على الجواز آية قرآنية تحتمل التأويل.

• الدليل الثاني على التحريم حديث صحيح صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بينما الدليل الثاني على الجواز حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به.

• الدليل الثالث على التحريم إجماع العلماء، ولا حجة أقوى من الإجماع.

5. الرد على شبهة الجواز:

استدل بعض القائلين بجواز قراءة القرآن للجنب بقوله تعالى: “إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ”، وقالوا: إن نجاسة المشركين أشد من نجاسة الجنابة، ومع ذلك يجوز للمسلم أن يخالط المشركين ويتحدث إليهم، وبالتالي يجوز له أن يقرأ القرآن وهو جنب.

والرد على هذه الشبهة أن نجاسة المشركين نجاسة معنوية، وليست نجاسة حسية، أما نجاسة الجنابة فهي نجاسة حسية، وبالتالي لا يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن وهو جنب.

6. حكم قراءة القرآن للجنب من الهاتف:

اختلف العلماء في حكم قراءة القرآن للجنب من الهاتف، فذهب بعضهم إلى جواز ذلك، وذهب آخرون إلى تحريمه، والراجح هو تحريم قراءة القرآن للجنب من الهاتف، وذلك لأن قراءة القرآن من الهاتف تعتبر قراءة للقرآن، والقرآن الكريم كلام الله تعالى، ويجب على المسلم أن يكون طاهراً عند قراءته، والجنابة من أسباب النجاسة.

7. الخاتمة:

وبناءً على ما سبق، يتضح أن الراجح هو تحريم قراءة القرآن للجنب، سواء كان ذلك من المصحف الشريف أم من الهاتف، وذلك لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى، ويجب على المسلم أن يكون طاهراً عند قراءته، والجنابة من أسباب النجاسة.

أضف تعليق