المقدمة
يعتبر القرآن الكريم كتاب الله المقدس عند المسلمين، وهو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وقد أمر الله تعالى المؤمنين بقراءته وتدبر آياته والعمل بها، قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]. وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن وتلاوته، قال: “خيركم من تعلم القرآن وعلّمه”، ولكل شخص حرية قراءة القرآن في أي وقت يشاء، ولكن بالنسبة للمرأة الحائض، هناك بعض الأحكام المتعلقة بقراءتها للقرآن الكريم.
هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وهي حائض؟
اختلف العلماء في حكم قراءة المرأة للقرآن وهي حائض، فذهب البعض إلى تحريم ذلك مطلقًا، وذهب آخرون إلى جواز ذلك مع كراهة التحريم، وذهب فريق ثالث إلى الجواز مطلقًا.
أدلة القائلين بالتحريم:
استدل القائلون بتحريم قراءة المرأة للقرآن وهي حائض بعدة أدلة، منها:
1. حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن وأنا حائض في لحافه”. وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن وهو محجوب عن الحائض، وهذا يدل على تحريم قراءتها للقرآن.
2. حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “كنت أقرأ القرآن وأنا حائض، فيقول لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقرأيه، فإنك نفساء”. وهذا الحديث يدل على تحريم قراءة المرأة للقرآن وهي حائض، لأنها في هذه الحالة تعتبر نفساء، والنفساء محرم عليها قراءة القرآن.
أدلة القائلين بالجواز مع الكراهة:
استدل القائلون بجواز قراءة المرأة للقرآن وهي حائض مع الكراهة بعدة أدلة، منها:
1. حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “كنت أقرأ القرآن وأنا حائض”. وهذا الحديث يدل على جواز قراءة المرأة للقرآن وهي حائض، لأن أم المؤمنين عائشة كانت تفعل ذلك.
2. حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لا بأس أن تقرأ الحائض القرآن”. وهذا الحديث يدل على جواز قراءة المرأة للقرآن وهي حائض، لأن ابن عباس كان من كبار فقهاء الصحابة، وكان يجيز ذلك.
أدلة القائلين بالجواز مطلقًا:
استدل القائلون بجواز قراءة المرأة للقرآن وهي حائض مطلقًا بعدة أدلة، منها:
1. أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، وهو مقدس، ولا يوجد ما يمنع المرأة الحائض من قراءته.
2. أن قراءة القرآن عبادة، والعبادة لا تبطل بالحيض، لأن الحيض ليس نجاسة، بل هو حالة طبيعية.
الراجح من الأقوال:
الراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة هو القول بجواز قراءة المرأة للقرآن وهي حائض، وذلك لأن الأدلة التي استدل بها القائلون بالجواز أقوى من الأدلة التي استدل بها القائلون بالتحريم أو التحريم مع الكراهة.
آداب قراءة المرأة للقرآن وهي حائض:
إذا أرادت المرأة الحائض قراءة القرآن، فعليها أن تتبع بعض الآداب، منها:
1. أن تتوضأ قبل القراءة، لأن الوضوء شرط لصحة الصلاة، وقراءة القرآن عبادة.
2. أن تقرأ القرآن في مكان طاهر، لأن القرآن كلام الله تعالى، وهو مقدس.
3. أن تقرأ القرآن بصوت منخفض، حتى لا تزعج من حولها.
4. أن تتجنب قراءة القرآن في حالة الحيض إذا كانت تشعر بالإحراج أو الخجل.
خاتمة:
يجوز للمرأة الحائض قراءة القرآن الكريم، ولكن عليها أن تتبع بعض الآداب عند قراءته، مثل الوضوء وقراءة القرآن بصوت منخفض وتجنب قراءته في حالة الإحراج أو الخجل.