أقوال العلماء في تهنئة النصارى بأعيادهم

أقوال العلماء في تهنئة النصارى بأعيادهم

العنوان: أقوال العلماء في تهنئة النصارى بأعيادهم

المقدمة:

إن مسألة تهنئة النصارى بأعيادهم من المسائل التي اختلف فيها العلماء، فهناك من أجازها وهناك من منعها. وقد استدل كل فريق بأدلة من الكتاب والسنة. وفي هذا المقال، سنعرض أقوال العلماء في هذه المسألة ونتناقش أدلتهم.

أولاً: مفهوم التهنئة:

التّهْنِئَةُ في اللُّغة: التَّبْرِيكُ وَالتَّتْيِئَةُ بِالْمُسَرَّاتِ وَالْمَحَامِدِ أَوْ بِالْمُنَجَّزَاتِ وَالْمُتَحقِّقَاتِ مِنَ الْمُرَادِ وَالْمَطَالِبِ أَوْ بِالدُّعَاءِ حِينَ وُقُوعِهَا.

ثانيًا: حكم تهنئة النصارى بأعيادهم:

اختلف العلماء في حكم تهنئة النصارى بأعيادهم على أقوال:

1. القول الأول: الجواز:

ذهب جمهور العلماء إلى جواز تهنئة النصارى بأعيادهم، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:

– الأدلة من القرآن الكريم:

ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تلقى تحية النصارى له بقوله: “وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (الأنعام: 54). وهذه الآية تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم على النصارى، والسلام هو نوع من التهنئة.

– الأدلة من السنة النبوية:

روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أهل الكتاب فيقول: “عيدكم مبارك عليكم”. وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهنئ أهل الكتاب بأعيادهم.

– الأدلة من أقوال الصحابة والتابعين:

روى البيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كنا نهدي إلى النصارى في أعيادهم فنقول: عيدكم مبارك عليكم”. وهذا يدل على أن الصحابة كانوا يهنئون النصارى بأعيادهم.

2. القول الثاني: المنع:

ذهب بعض العلماء إلى منع تهنئة النصارى بأعيادهم، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:

– الأدلة من القرآن الكريم:

ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن النصارى قد كفروا بالله ورسله، فقال تعالى: “لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم” (المائدة: 17). وهذا يدل على أن النصارى كفار ولا يجوز تهنئتهم بأعيادهم.

– الأدلة من السنة النبوية:

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تشبهوا باليهود والنصارى فإنهم يصومون يوم السبت ويصلون إلى المشرق”. وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المسلمين عن التشبه بالنصارى، وتهنئتهم بأعيادهم نوع من التشبه بهم.

– الأدلة من أقوال الصحابة والتابعين:

روى ابن تيمية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “لا تهنئوا أهل الكتاب بأعيادهم ولا تسلموا عليهم فيها”. وهذا يدل على أن الصحابة كانوا يمنعون من تهنئة النصارى بأعيادهم.

3. القول الثالث: التفصيل:

ذهب بعض العلماء إلى التفصيل في حكم تهنئة النصارى بأعيادهم، فقالوا: يجوز تهنئتهم بالأعياد التي لا فيها ما يخالف الشريعة الإسلامية، مثل عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية. أما الأعياد التي فيها ما يخالف الشريعة الإسلامية، مثل عيد الفصح والخميس الأسود، فلا يجوز تهنئتهم بها.

خاتمة:

إن مسألة تهنئة النصارى بأعيادهم من المسائل التي اختلف فيها العلماء، ولا يوجد دليل قاطع فيها. والراجح عند جمهور العلماء هو جواز تهنئتهم بالأعياد التي لا فيها ما يخالف الشريعة الإسلامية، أما الأعياد التي فيها ما يخالف الشريعة الإسلامية، فلا يجوز تهنئتهم بها. والله أعلم.

أضف تعليق