اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
المقدمة:
ورد في الكتاب والسنة النبوية الشريفة صور كثيرة من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي تُطلق عليه أحيانًا تبعًا للمقام، أو الظرف الذي وردت فيه الصلاة، فنقول أحيانًا: الصلاة الإبراهيمية، أو الصلاة الملكية، أو صلاة الاستفتاح، أو صلاة الاستغفار، أو صلاة الثناء، وغير ذلك من الصور، لكن: الصلاة الإبراهيمية هي الصلاة الأعم والأشمل لغيرها من صور الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال الله تعالى في سورة الأحزاب، آية 56: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وقد قرن الله تعالى صلاته -عز وجل- وصلوات ملائكته بصلاة المؤمنين على النبي -صلى الله عليه وسلم-، في هذه الآية الكريمة، وفي معنى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الإمام النووي رحمه الله: والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند جماهير أهل العلم الثناء عليه والدعاء له، وقد قدمنا في حديث رفاعة بن رافع، في معنى: {وَأَنَّى تُحَيِّينِي}، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا رفاعة، ألا أدلك على كلمات تقولهن فتحيى بهن ميتًا، قل: اللهم صل على محمد، فإن الله إذا صلى عليه أحيا قلوب أموات المؤمنين”، وقال مجاهد: “الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- الثناء عليه عند الله تعالى”.
فضائل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-:
1. أنها سبب للمغفرة والرحمة: فقد أخرج الإمام ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات”، وفي رواية: “من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه عشرًا، وقال: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد، وعلى إبراهيم وآل إبراهيم، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد”.
2. أنها سبب لدخول الجنة: فقد أخرج الإمام الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من صلى عليَّ كل يوم مائة صلاة، غفر الله ذنوبه كلها، وإن كانت مثل زبد البحر”.
3. أنها سبب لتيسير الأمور: فقد أخرج الإمام ابن ماجه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من صلى عليَّ عند موته خففت عليه سكرات الموت”.
آداب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-:
1. أن تكون باللسان والقلب: فلا يكفي مجرد تحريك اللسان بالصلاة عليه، بل لابد من حضور القلب وإخلاص النية لله تعالى.
2. أن تكون الصلاة من القلب: فلا يكفي مجرد تحريك الشفتين بالصلاة عليه، بل لابد من إخلاص النية لله تعالى، وأن يكون القلب حاضراً ومقبلًا على الصلاة عليه.
3. أن تكون الصلاة عليه كثيرة: كلما صلى العبد على النبي -صلى الله عليه وسلم- زاد أجره وثوابه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أكثروا الصلاة علي، فإن صلاتكم عليَّ نور لكم يوم القيامة”.
أوقات الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-:
1. عند سماع اسمه: فينبغي للمسلم أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند سماع اسمه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا سمعتم المؤذن يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله، فقولوا: اللهم صل على محمد، اللهم صل على محمد”.
2. عند دخول المسجد وخروجه: فينبغي للمسلم أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند دخول المسجد وخروجه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك”.
3. عند الصلاة والسلام عليه: فينبغي للمسلم أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الصلاة والسلام عليه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا صلى أحدكم عليَّ فليبلغني السلام، فإن الملائكة تحمله إليَّ”.
فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياة المسلم:
1. الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تزيد المحبة بين المسلم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقوي الصلة الروحية بينهما.
2. الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تزيد إيمان المسلم وتقواه، وتجعله أكثر استجابة لأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه.
3. الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تجعل المسلم أكثر صبراً على البلاء والشدائد، وتساعده على تحمل مصاعب الحياة.
فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياة المسلم بعد موته:
1. الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تجعل المسلم يدخل الجنة بسلام، وينجو من عذاب النار.
2. الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ترفع منزلة المسلم في الجنة، وتقربه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
3. الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تجعل المسلم يحظى بشفاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة.
الخاتمة:
الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عبادة عظيمة لها فضل كبير وثواب جزيل، وينبغي للمسلم أن يكثر منها في كل وقت وحين، وذلك امتثالاً لأمر الله تعالى، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وفوزاً بالثواب العظيم الذي وعد الله به من يصلي عليه، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من المكثرين من الصلاة على نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأن يتقبلها منا بقبول حسن، إنه سميع مجيب.