ان شكرتم لازيدنكم

ان شكرتم لازيدنكم

**المقدمة:**

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فقد جاء في كتاب الله العزيز: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7]. وفي هذه الآية الكريمة وعد من الله تعالى للمؤمنين الذين يشكرونه على نعمه بأن يزيدهم من فضله، ووعيد للمكذبين بنعمه بأن ينزل عليهم عذابه الشديد.

**الشكر لله واجب:**

أولاً: الشكر لله واجب على عباده لأنه المنعم عليهم بنعم لا تحصى، فقد خلقهم وصورهم ورزقهم وأكرمهم، وأرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، وأنعم عليهم بالهداية إلى الإسلام.

ثانياً: إن الشكر لله دليل على الإيمان والعبودية، فمن شكر الله فقد أقر بنعمه واعترف بفضله، ومن كفر بنعم الله فقد جحدها وأعرض عن شكره، والشكر لله من أفضل العبادات وأقربها إلى الله تعالى.

ثالثاً: في الشكر لله منافع كثيرة للمؤمن، فهو يزيد في نعم الله ويحفظها ويصرف عنه البلاء والضر، والشكر لله يقرب العبد من ربه ويوجب له محبته ورضوانه.

**كيف نشكر الله؟**

أولاً: الشكر لله يكون باللسان، فيحمد الله العبد على نعمه ويُثني عليه ويُكبره، ويستغفره من ذنوبه ويتوب إليه، ويُعلن شكره لله في كل مناسبة.

ثانياً: الشكر لله يكون بالقلب، فيعترف العبد بنعم الله ويقدرها حق قدرها، ويحب الله تعالى ويخافه ويرجوه، ويستحي منه أن يقابله بالكفر أو النسيان.

ثالثاً: الشكر لله يكون بالأفعال، فيطيع العبد أوامر الله ويجتنب نواهيه، ويستخدم نعم الله في طاعته وعبادته، وينفق منها في سبيل الخير.

**الشكر لله يزيد في نعمه:**

أولاً: من شكر الله زاد الله في نعمه، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].

ثانياً: الشكر لله يُثبت النعم ويصرف عنها الزوال، قال تعالى: ﴿فَإِن شَكَرْتُمْ أَزِيدُكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].

ثالثاً: الشكر لله يفتح أبواب الرزق ويدرأ البلاء والضر، قال تعالى: ﴿وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7].

**الشكر لله يقرب العبد من ربه:**

أولاً: الشكر لله من علامات الإيمان وعبادة من العبادات، قال تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا اللَّهَ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: 172].

ثانياً: الشكر لله سبب لمحبة الله للعبد ورضوانه عليه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144].

ثالثاً: الشكر لله سبب لدخول الجنة والفوز برضا الله، قال تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 32].

**الشكر لله يصرف البلاء والضر:**

أولاً: الشكر لله سبب لصرف البلاء والضر عن العبد، قال تعالى: ﴿وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7].

ثانياً: الشكر لله سبب لرفع العذاب عن العبد واستبداله بالرحمة، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96].

ثالثاً: الشكر لله سبب لنجاة العبد من الهلاك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [الدخان: 37].

**الشكر لله يوجب زيادة الإيمان:**

أولاً: الشكر لله سبب لزيادة الإيمان عند العبد، قال تعالى: ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: 4].

ثانياً: الشكر لله سبب لثبات الإيمان عند العبد في وقت الشدائد والابتلاءات، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 199].

ثالثاً: الشكر لله سبب لزيادة اليقين عند العبد وإزالة الشكوك من قلبه، قال تعالى: ﴿وَلَكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: 260].

**الشكر لله من أخلاق الأنبياء والمرسلين:**

أولاً: كان الأنبياء والمرسلون من أكثر الناس شكرًا لله على نعمه، فقد شكر سيدنا نوح عليه السلام ربه على نجاته من الغرق، وشكر سيدنا إبراهيم عليه السلام ربه على إنقاذه من النار، وشكر سيدنا موسى عليه السلام ربه على نجاته من فرعون وقومه، وشكر سيدنا عيسى عليه السلام ربه على نعمه الكثيرة، وشكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ربه على نعمة الإسلام والقرآن.

ثانياً: شكر الأنبياء والمرسلون لله تعالى على نعمه كان سببًا لزيادة نعم الله عليهم ولطفه بهم، قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152].

ثالثاً: شكر الأنبياء والمرسلون لله تعالى على نعمه كان سببًا لدعوة الناس إلى شكره ولإرشادهم إلى طريق الصلاح والفلاح، قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 91].

**الخلاصة:**

وختامًا، فإن الشكر لله واجب على العبد وسبب لزيادة نعم الله عليه ولطفه به، والشكر لله يقرب العبد من ربه ويوجب له محبته ورضوانه، والشكر لله يصرف البلاء والضر عن العبد ويزيد في إيمانه ويقينه، والشكر لله من أخلاق الأنبياء والمرسلون وكان سببًا لزيادة نعم الله عليهم ولطفه بهم، والشكر لله واجب على كل مسلم ومسلمة ويجب أن يكون من صفات المؤمنين الحقيقيين.

أضف تعليق