حكم الزانية المتزوجة

حكم الزانية المتزوجة

الزنا من الفواحش الكبرى التي حرمها الله تعالى، وجعلها من كبائر الذنوب، ومن أهم أسباب هلاك الأمم السابقة، ولهذا فقد شرع الله تعالى عقوبات صارمة للزاني والزانية، تختلف باختلاف حال الزاني والزانية، فإذا كانت زانية متزوجة، فإن عقوبتها هي الرجم حتى الموت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصانه، فيُرجم حتى الموت…».

وقد ورد في القرآن الكريم عدة أحكام تتعلق بالزانية المتزوجة، منها قوله تعالى: ﴿واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً﴾، وقوله تعالى: ﴿والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وتحرم على المؤمنين﴾.

وفي السنة النبوية وردت أحاديث كثيرة تتعلق بالزانية المتزوجة، منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الزانية المتزوجة محصنة، والزاني المحصن محصن، فاذا زنا المحصنات فارجموهن حتى الموت».

الأدلة من القرآن الكريم على عقوبة الرجم للزانية المتزوجة:

1. قال تعالى: ﴿واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً﴾، فقوله تعالى: «فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت» يدل على أن عقوبة الزانية المتزوجة هي الحبس حتى الموت، وهو الرجم.

2. قال تعالى: ﴿والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وتحرم على المؤمنين﴾، فقوله تعالى: «لا ينكحها إلا زان أو مشرك» يدل على أن الزانية المتزوجة لا يجوز نكاحها على المؤمن، وهذا يدل على أنها محصنة، وأن عقوبتها هي الرجم.

الأدلة من السنة النبوية على عقوبة الرجم للزانية المتزوجة:

1. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصانه، فيُرجم حتى الموت…»، وحديث الترحيم يدل على أن الرجم هو عقوبة الزاني والزانية المتزوجين، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرني ربي أن أرجم الزاني المحصن، والزانية المحصنة».

2. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقيموا عليَّ الحد يا علي»، وذلك عندما جاءت امرأة من خزاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرت عنده بالزنا، فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأراد أن يقيم عليها الحد، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم منعه وقال له: «دعها، فإنها تابت».

الأدلة من الإجماع على عقوبة الرجم للزانية المتزوجة:

1. أجمع الصحابة والتابعون على أن عقوبة الزانية المتزوجة هي الرجم حتى الموت، وقد ورد عنهم في ذلك أحاديث كثيرة، منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاني والزانية المحصنين».

2. قال الإمام مالك: «الرجم في الزنا سنة ثابتة».

3. قال الإمام الشافعي: «الرجم في الزنا سنة ثابتة، لا خلاف بين أهل العلم في ذلك».

حكمة تشريع عقوبة الرجم للزانية المتزوجة:

1. حفظ النسب: لأن الزنا يخلط الأنساب، ويؤدي إلى ضياعها، وهذا من أعظم المفاسد في المجتمع.

2. صيانة العرض: لأن الزنا ينتهك العرض، ويؤدي إلى الفضيحة، وهذا من أكبر المفاسد في المجتمع.

3. حماية الأسرة: لأن الزنا يهدم الأسرة، ويؤدي إلى تفككها، وهذا من أكبر المفاسد في المجتمع.

سقوط عقوبة الرجم عن الزانية المتزوجة:

1. الإكراه: إذا أكرهت الزانية المتزوجة على الزنا، فإن عقوبة الرجم تسقط عنها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

2. الشبهة: إذا زنت المرأة المتزوجة وهي معتقدة أن زوجها طلقها، أو أنها حلال له، فإن عقوبة الرجم تسقط عنها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

3. الحمل: إذا حملت الزانية المتزوجة من الزنا، فإن عقوبة الرجم عنها، لأنها في هذه الحالة تكون مستضعفة، ولا يجوز قتلها.

الاختلاف في عقوبة الرجم للزانية المتزوجة بين المذاهب الفقهية:

1. مذهب الحنفية: يرون أن عقوبة الزنا هي الجلد مائة جلدة، والرجم للمحصن فقط، سواء كان رجلاً أو امرأة.

2. مذهب المالكية: يرون أن عقوبة الزنا هي الرجم للزاني والزانية المحصنين، والجلد مائة جلدة والنفى لمدة سنة للزاني والزانية غير المحصنين.

3. مذهب الشافعية: يرون أن عقوبة الزنا هي الرجم للزاني والزانية المحصنين، والجلد مائة جلدة والنفى لمدة ثمانية أشهر للزاني والزانية غير المحصنين.

4. مذهب الحنابلة: يرون أن عقوبة الزنا هي الرجم للزاني والزانية المحصنين، والجلد ثمانين جلدة للزاني والزانية غير المحصنين.

الخاتمة:

وعقوبة الرجم للزانية المتزوجة هي عقوبة مشروعة في الشريعة الإسلامية، وقد وردت الأدلة الشرعية القطعية على مشروعيتها، وهي عقوبة رادعة لمن تسول له نفسه ارتكاب هذه الفاحشة، ومحافظة على النسل والعرض والأسرة والمجتمع.

أضف تعليق