حكم تلاوة القران بدون وضوء

حكم تلاوة القران بدون وضوء

العنوان: حكم تلاوة القرآن بدون وضوء

المقدمة:

يعتبر قراءة القرآن الكريم من العبادات الجليلة التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ولتلاوته فضائل عظيمة وثواب جليل، وقد اتفق العلماء على أن قراءة القرآن من العبادات التي تتطلب الطهارة، فما حكم تلاوة القرآن بدون وضوء؟ وما هي الأدلة على وجوب الطهارة لتلاوة القرآن؟ وهل هناك استثناءات من هذا الحكم؟

أولاً: وجوب الطهارة لتلاوة القرآن:

1. الدليل من القرآن الكريم:

ورد في القرآن الكريم في سورة الواقعة قوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79]، وقد فسّر المفسرون هذه الآية الكريمة بأنها تدل على وجوب الطهارة لمن يريد أن يمس المصحف أو يقرأ القرآن الكريم.

2. الدليل من السنة النبوية:

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدل على وجوب الطهارة لتلاوة القرآن، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر”.

3. الدليل من أقوال العلماء:

اتفق الفقهاء من جميع المذاهب الإسلامية على وجوب الطهارة لتلاوة القرآن الكريم، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية السابقة، واعتبروها من ضروريات الدين الإسلامي.

ثانيًا: الحكمة من وجوب الطهارة لتلاوة القرآن:

1. تعظيم كلام الله تعالى:

إن الطهارة قبل تلاوة القرآن الكريم هي من باب تعظيم كلام الله سبحانه وتعالى وتقديره، لأن القرآن الكريم هو كلام الله المعجز الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو كلام مقدس يجب أن يعامل بكل احترام وتبجيل.

2. تهيئة النفس لتلقي القرآن الكريم:

إن الطهارة قبل تلاوة القرآن الكريم تساعد على تهيئة النفس لتلقي كلام الله تعالى وتدبره والتأمل فيه، وتساعد على زيادة الخشوع والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى.

3. اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم:

إن وجوب الطهارة لتلاوة القرآن الكريم هو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا باتباعه في جميع أقواله وأفعاله، فمن اتبع سنته في الطهارة لتلاوة القرآن فهو على خير عظيم.

ثالثًا: الاستثناءات من وجوب الطهارة لتلاوة القرآن:

1. الحاجة الملحة:

إذا كان الإنسان في حاجة ملحة إلى قراءة القرآن الكريم ولم يكن لديه الوقت أو المكان المناسب للوضوء، فلا حرج عليه أن يقرأ القرآن بدون وضوء، وذلك لأن الضرورات تبيح المحظورات.

2. التعليم والتعلم:

يجوز لمن يريد أن يُعلّم القرآن الكريم أو يتعلمّه أن يقرأ القرآن بدون وضوء، وذلك لأنه من باب المشقة على الطالب والمعلم، والمشقة تجلب التيسير.

3. قراءة القرآن للإذاعة أو التسجيل:

يجوز لمن يريد أن يُقرأ القرآن للإذاعة أو التسجيل أن يقرأ القرآن بدون وضوء، وذلك لأن قراءته في هذه الحالة ليست عبادة وإنما هي عمل دنيوي.

خامسًا: كيفية الطهارة لتلاوة القرآن:

1. الوضوء:

الوضوء هو أفضل أنواع الطهارة لتلاوة القرآن الكريم، وهو شرط من شروط الصلاة، ويجب أن يكون الوضوء كاملاً وتاماً، بحيث يعم جميع أجزاء الجسم التي يجب غسلها.

2. التيمم:

إذا لم يتوفر الماء أو إذا كان الإنسان مريضاً أو عاجزاً عن الوضوء، فيجوز له أن يتيمم، والتيمم هو ضرب اليدين على التراب الطاهر ثم مسح الوجه والذراعين به، وهو بديل عن الوضوء في حالات الضرورة.

3. غسل الجنابة:

إذا كان الإنسان جنباً، أي أنه جامع زوجته، فعليه أن يغتسل قبل تلاوة القرآن الكريم، وغسل الجنابة هو غسل كامل للجسم، ويجب أن يعم جميع أجزاء الجسم.

سادسًا: آداب تلاوة القرآن الكريم:

1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم:

قبل البدء في تلاوة القرآن الكريم يجب على المسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وذلك بقوله: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”.

2. قراءة القرآن بتدبر وتمعن:

يجب على المسلم أن يقرأ القرآن الكريم بتدبر وتمعن، وأن يتفكر في معانيه ودلالاته، وأن يحاول الاستفادة من تعاليمه وتوجيهاته في حياته.

3. ترتيل القرآن الكريم وتجويده:

يجب على المسلم أن يرتل القرآن الكريم ويجوّده، أي أن يقرأه بترتيب وتجويد، وأن يتقن أحكام التجويد والقراءة.

سابعًا: فضل تلاوة القرآن الكريم:

1. الأجر والثواب العظيم:

للقرآن الكريم فضل وأجر وثواب عظيم، وقد وعد الله تعالى من يقرأه ويتدبره بالجنة والفوز برضوانه، قال تعالى: ﴿وَتِلْوِهِ وَقُرْآنًا أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكًا فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 156].

2. زيادة الإيمان والتقوى:

تلاوة القرآن الكريم تزيد الإيمان والتقوى في القلب، وتساعد على زيادة الطاعة والعبادة لله تعالى، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: 2].

3. شفاعة القرآن الكريم لصاحبه:

سيكون القرآن الكريم شفيعاً لصاحبه يوم القيامة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [فاطر: 5]، وقد فسر المفسرون هذه الآية بأنها تدل على أن القرآن الكريم سيكون شفيعاً لصاحبه يوم القيامة.

الخلاصة:

إن تلاوة القرآن الكريم من العبادات الجليلة التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ولتلاوته فضائل عظيمة وثواب جليل، وقد اتفق العلماء على أن قراءة القرآن من العبادات التي تتطلب الطهارة، فلا يجوز قراءة القرآن إلا طاهراً، وذلك من باب تعظيم كلام الله سبحانه وتعالى وتقديره، وتهيئة النفس لتلقي كلام الله تعالى وتدبره والتأمل فيه، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا في هذا المقال حكم تلاوة القرآن بدون وضوء، وذكرنا الأدلة على وجوب الطهارة لتلاوة القرآن، والحكمة من ذلك، والاستثناءات من هذا الحكم، وكيفية الطهارة لتلاوة القرآن، وآداب تلاوة القرآن الكريم، وفضل تلاوة القرآن الكريم.

أضف تعليق