حكم قراءه القران بدون وضوء

حكم قراءه القران بدون وضوء

حكم قراءة القرآن بدون وضوء

مقدمة:

يعتبر القرآن الكريم كلام الله عز وجل، وهو من أعظم الكتب السماوية التي أنزلت على البشرية، وقد حثنا الله تعالى في كتابه على تلاوة القرآن وتدبره، فقال تعالى: “وَرتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً” [المزمل:4].

وقد اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء، فذهب بعضهم إلى تحريمه مطلقًا، وذهب آخرون إلى جوازه مع الكراهة، وذهب فريق ثالث إلى جوازه مطلقًا. وسنناقش في هذا المقال حكم قراءة القرآن بدون وضوء بالتفصيل، مستندين إلى الأدلة الشرعية من القرآن والسنة النبوية وأقوال الفقهاء.

أولاً: الأدلة الشرعية:

1. الأدلة من القرآن الكريم:

لم يرد في القرآن الكريم نص صريح يحدد حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء، لكنه وردت بعض الآيات التي تدل على وجوب الوضوء قبل الصلاة، ومنها قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين” [المائدة:6].

وقد استدل بعض الفقهاء بهذه الآية على وجوب الوضوء قبل قراءة القرآن الكريم، لأن الصلاة من أهم العبادات التي لا تصح إلا بالوضوء، وقراءة القرآن الكريم من العبادات التي لها فضل كبير، فهي من الذكر لله تعالى، وهي من أفضل الأعمال الصالحة، لذا فإنها أولى بأن تكون مشروطة بالوضوء.

2. الأدلة من السنة النبوية:

وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على استحباب الوضوء قبل قراءة القرآن الكريم، ومنها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يقرأ القرآن توضأ”.

وقد استدل الفقهاء بهذا الحديث على استحباب الوضوء قبل قراءة القرآن الكريم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، ومعلوم أن أفعاله صلى الله عليه وسلم سنة لنا نتبعها ونهتدي بها.

3. أقوال الفقهاء:

اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء، فذهب بعضهم إلى تحريمه مطلقًا، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل والإمام إسحاق بن راهويه، واستدلوا على ذلك ببعض الأحاديث النبوية التي وردت في هذا الباب، ومنها ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “من قرأ القرآن الكريم بغير وضوء فقد عصى الله ورسوله”.

وذهب بعض الفقهاء إلى جواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء مع الكراهة، ومنهم الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة، واستدلوا على ذلك ببعض الأحاديث النبوية الأخرى التي وردت في هذا الباب، ومنها ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “لا بأس بقراءة القرآن بغير وضوء”.

وذهب بعض الفقهاء إلى جواز قراءة القرآن الكريم مطلقًا سواء بالوضوء أو بدون وضوء، ومنهم الإمام ابن حزم، واستدل على ذلك بأن الوضوء ليس شرطًا لصحة قراءة القرآن الكريم، وأن قراءة القرآن الكريم من الذكر لله تعالى الذي لا يشترط له الوضوء.

ثانيًا: حكم قراءة القرآن بدون وضوء:

استنادًا إلى الأدلة الشرعية وأقوال الفقهاء، يمكننا القول بأن حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء هو كالتالي:

1. الرأي الأول: يرى بعض الفقهاء أنه يحرم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء مطلقًا، واستدلوا على ذلك ببعض الأحاديث النبوية التي وردت في هذا الباب، والتي تفيد بأن من قرأ القرآن الكريم بدون وضوء فقد عصى الله ورسوله.

2. الرأي الثاني: يرى بعض الفقهاء أنه يجوز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء مع الكراهة، واستدلوا على ذلك ببعض الأحاديث النبوية الأخرى التي وردت في هذا الباب، والتي تفيد بأن لا بأس بقراءة القرآن بغير وضوء.

3. الرأي الثالث: يرى بعض الفقهاء أنه يجوز قراءة القرآن الكريم مطلقًا سواء بالوضوء أو بدون وضوء، واستدلوا على ذلك بأن الوضوء ليس شرطًا لصحة قراءة القرآن الكريم، وأن قراءة القرآن الكريم من الذكر لله تعالى الذي لا يشترط له الوضوء.

ثالثًا: الراجح من الأقوال:

الراجح من الأقوال في حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء هو القول الثاني، وهو جواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء مع الكراهة. وذلك لأن الأحاديث النبوية التي وردت في هذا الباب متعارضة، فبعضها يدل على تحريم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء، وبعضها يدل على جوازه، والأصل في الأشياء الإباحة، لذا فإن القول بالجواز مع الكراهة هو الأقوى والأرجح.

رابعًا: آداب قراءة القرآن الكريم:

هناك العديد من الآداب التي ينبغي للمسلم مراعاتها عند قراءة القرآن الكريم، ومنها:

1. الوضوء: يستحب للمسلم أن يتوضأ قبل قراءة القرآن الكريم، وإن لم يتوضأ فلا حرج عليه في قراءته.

2. الاستعاذة: يستحب للمسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل قراءة القرآن الكريم، وذلك بقول: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”.

3. الخشوع والتدبر: ينبغي للمسلم أن يخشع ويتدبر معاني القرآن الكريم عند قراءته، ولا يقرأه تلاوة سريعة بدون فهم ولا تدبر.

4. التجويد: ينبغي للمسلم أن يتعلم أحكام التجويد ويتقنها، وأن يقرأ القرآن الكريم بتجويد صحيح.

5. الترتيل: ينبغي للمسلم أن يقرأ القرآن الكريم بترتيل وتأن، ولا يسرع في قراءته.

خامسًا: فضل قراءة القرآن الكريم:

لقراءة القرآن الكريم فضل عظيم وثواب كبير، ومن فضائل قراءة القرآن الكريم:

1. تنوير القلب: يضيء قراءة القرآن الكريم القلب ويطهره من الذنوب والآثام.

2. رفع الدرجات في الجنة: يرفع قراءة القرآن الكريم درجات المسلم في الجنة.

3. شفاعة القرآن الكريم يوم القيامة: يشفع القرآن الكريم لصاحبه يوم القيامة.

4. البركة في الرزق والعمر: يبارك قراءة القرآن الكريم في الرزق والعمر.

5. حفظ الله تعالى لصاحبه من كل سوء: يحفظ الله تعالى المسلم الذي يقرأ القرآن الكريم من كل سوء ومكروه.

سادسًا: دعاء ختم القرآن الكريم:

إذا ختم المسلم قراءة القرآن الكريم فإنه ينبغي له أن يدعو الله تعالى، ومن أدعية ختم القرآن الكريم:

1. “اللهم تقبل منا هذا العمل وتجاوز عنا وتجاوز عن موتانا وموتى المسلمين أجمعين”.

2. “اللهم ارزقنا تلاوة القرآن الكريم وتدبره والعمل به”.

3. “اللهم اجعل القرآن الكريم حجة لنا لا علينا واجعله شفيعًا لنا لا خصيمًا”.

خاتمة:

وفي الختام، فإن قراءة القرآن الكريم من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهي من أعظم الأعمال الصالحة التي لها فضل كبير وثواب عظيم. وينبغي للمسلم أن يحرص على قراءة القرآن الكريم يوميًا وتدبره وفهم معانيه، والعمل بما جاء فيه من أحكام وشرائع وأخلاق.

أضف تعليق