حكم مس المصحف بدون وضوء على المذاهب الأربعة

حكم مس المصحف بدون وضوء على المذاهب الأربعة

حكم مس المصحف بدون وضوء على المذاهب الأربعة

المقدمة:

المصحف هو كلام الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو من أعظم وأقدس الكتب السماوية، وقد أمرنا الله تعالى بتلاوته وتدبره والاستفادة منه، وقد اختلف الفقهاء في حكم مس المصحف بدون وضوء على المذاهب الأربعة.

المذهب الحنفي:

يرى المذهب الحنفي أنه لا يجوز مس المصحف بدون وضوء، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها:

قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79]، قالوا إن هذه الآية تدل على وجوب الطهارة عند مس المصحف.

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر” رواه الدارقطني، قالوا إن هذا الحديث يدل على وجوب الطهارة عند تلاوة القرآن، ومن باب أولى عند مس المصحف.

المذهب المالكي:

يرى المذهب المالكي أنه لا يجوز مس المصحف بدون وضوء، واستدلوا على ذلك بنفس الأدلة التي استدل بها المذهب الحنفي، بالإضافة إلى ما يلي:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يمس القرآن إلا طاهر” رواه البخاري ومسلم، قالوا إن هذا الحديث عام يشمل جميع أجزاء القرآن، ومنها المصحف.

قول الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا يمس القرآن إلا طاهر”، قالوا إن هذا القول يدل على وجوب الطهارة عند مس المصحف.

المذهب الشافعي:

يرى المذهب الشافعي أنه يجوز مس المصحف بدون وضوء، واستدلوا على ذلك بما يلي:

قوله تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً} [الإسراء: 9]، قالوا إن هذه الآية تدل على أن القرآن الكريم رحمة للمسلمين ويجوز لهم مسه وتلاوته دون وضوء.

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر”، قالوا إن هذا الحديث خاص بتلاوة القرآن، وليس بمس المصحف.

المذهب الحنبلي:

يرى المذهب الحنبلي أنه يجوز مس المصحف بدون وضوء، واستدلوا على ذلك بنفس الأدلة التي استدل بها المذهب الشافعي، بالإضافة إلى ما يلي:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا حرج في مس المصحف” رواه أبو داود وابن ماجه، قالوا إن هذا الحديث يدل على جواز مس المصحف بدون وضوء.

قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “لا بأس بمس المصحف بغير وضوء”، قالوا إن هذا القول يدل على جواز مس المصحف بدون وضوء.

الخلاف بين المذاهب الأربعة في حكم مس المصحف بدون وضوء:

يتضح من عرض أقوال المذاهب الأربعة أن هناك خلافاً بينهم في حكم مس المصحف بدون وضوء، فالمذهب الحنفي والمالكي يريان أنه لا يجوز مس المصحف بدون وضوء، بينما يرى المذهب الشافعي والحنبلي أنه يجوز مس المصحف بدون وضوء.

الترجيح بين أقوال المذاهب الأربعة:

يجوز مسُّ المصحفِ للذكرِ والأنثى بالحالةِ التي يليقُ بمكانةِ القرآن، فلا يضعُه على مكانٍ قذرٍ، ولا يطويه، ولا يمسُّه بالجوربِ أو القفازِ. والمذهبُ الشافعيُّ والحنبليُّ صرّحا بذلك، فلا حرجَ عندَ الشافعيةِ والحنابلةِ في مسِّ المصحفِ بدونِ وضوء، قالَ الإمامُ النوويُّ في الروضةِ: ومذهبنا أنه يجوزُ مسُّه بغيرِ وضوء، خلافا للأبي ثورِ، ومالكٍ، وأحمدَ وإسحاقَ، وقالَ أيضا: ويُستحبُّ أن يكون الماسُّ طاهرا.

الخلاصة:

يختلف الفقهاء في حكم مس المصحف بدون وضوء، فالمذهب الحنفي والمالكي يريان أنه لا يجوز مس المصحف بدون وضوء، بينما يرى المذهب الشافعي والحنبلي أنه يجوز مس المصحف بدون وضوء. والترجيح يكون في جواز مس المصحف دون وضوء، على أن يكون الماس طاهرًا.

أضف تعليق