حكم صيام الحامل والمرضع

حكم صيام الحامل والمرضع

مقدمة

الحمل والرضاعة من أهم الفترات في حياة المرأة، حيث تتغير فيها مستويات هرموناتها وجسمها بشكل كبير، مما قد يؤثر على قدرتها على الصيام. وقد أثار ذلك نقاشًا كبيرًا بين الفقهاء حول حكم صيام الحامل والمرضع، حيث وضعوا العديد من الأحكام لتحديد من يجب أن يصوم ومن يجب أن يفطر.

أحكام صيام الحامل

جواز الصيام للحامل: يحق للحامل الصيام إذا كانت تستطيع ذلك دون أن يضر بصحتها أو بصحة جنينها. وهذا ما أجمع عليه جمهور الفقهاء، حيث قال الإمام الشافعي: “إن الحامل إذا وجدت من نفسها القوة على الصيام، ولم يخف عليها من الصوم ضرر، فلا بأس عليها من الصيام”.

وجوب الفطر للحامل: يجب على الحامل أن تفطر إذا خافت من الصيام ضررًا عليها أو على جنينها. وهذا ما نص عليه الإمام مالك في مدونته، حيث قال: “إذا خافت الحامل على نفسها من الصيام، أو خافت على ولدها، وجب عليها الفطر”.

الأسباب التي توجب الفطر للحامل: هناك العديد من الأسباب التي توجب الفطر للحامل، منها:

الشعور بالغثيان والقيء الشديد.

المعاناة من الصداع والدوار.

الإصابة بالأنيميا أو نقص الحديد.

ارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه.

الإصابة بسكري الحمل.

وجود مشاكل في المشيمة أو الحمل.

أحكام صيام المرضع

جواز الصيام للمرضع: يحق للمرضع الصيام إذا كانت لا تشعر بالتعب أو الإجهاد، وكان طفلها يحصل على ما يكفي من الرضاعة. وهذا ما أجمع عليه جمهور الفقهاء، حيث قال الإمام أحمد بن حنبل: “إذا كانت المرضع لا تجد من نفسها ضعفا، ولا يخف عليها من الصيام ضرر، فلا بأس عليها من الصيام”.

وجوب الفطر للمرضع: يجب على المرضع أن تفطر إذا شعرت بالتعب أو الإجهاد، أو إذا كان طفلها لا يحصل على ما يكفي من الرضاعة. وهذا ما نص عليه الإمام الشافعي في كتابه “الأم”، حيث قال: “إذا خافت المرضع على نفسها من الصيام، أو خافت على ولدها، وجب عليها الفطر”.

الأسباب التي توجب الفطر للمرضع: هناك العديد من الأسباب التي توجب الفطر للمرضع، منها:

الشعور بالتعب والإجهاد الشديد.

قلة إنتاج الحليب.

إصابة الطفل بالإسهال أو القيء.

وجود مشاكل صحية لدى الطفل.

الأدلة الشرعية على جواز الصيام للحامل والمرضع

الأدلة من القرآن الكريم: قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]. وأجمع العلماء على أن هذه الآية تدل على جواز الفطر للحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو على أطفالهما من الصيام.

الأدلة من السنة النبوية: روى الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر في السفر ويأمر بالفطر”. وهذا الحديث يدل على جواز الفطر للمرأة الحامل والمرضع إذا كانت في سفر.

الأدلة من أقوال الفقهاء: أجمع الفقهاء على جواز صيام الحامل والمرضع إذا كانتا قادرتين على ذلك دون أن يضر بصحتيهما أو بصحة أطفالهما.

شروط صيام الحامل والمرضع

أن تكون الحامل أو المرضع قادرة على الصيام: يجب أن تكون الحامل أو المرضع قادرة على الصيام دون أن يضر بصحتها أو بصحة جنينها أو طفلها. وهذا يعني أنها يجب أن تكون تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني من أي أمراض مزمنة أو حادة.

أن يكون صيام الحامل أو المرضع لا يضر بجنينها أو طفلها: يجب أن يكون صيام الحامل أو المرضع لا يضر بجنينها أو طفلها. وهذا يعني أن جنينها أو طفلها يجب أن يكون بصحة جيدة وأن يكون وزنه طبيعيًا.

أن تحصل الحامل أو المرضع على قسط كافٍ من الراحة والنوم: يجب أن تحصل الحامل أو المرضع على قسط كافٍ من الراحة والنوم أثناء فترة الصيام. وهذا يعني أنها يجب أن تنام لمدة 8 ساعات على الأقل كل ليلة.

الأحكام المتعلقة بصيام الحامل والمرضع

قضاء الحامل والمرضع للصيام: يجب على الحامل والمرضع أن تقضيا الصيام الذي أفطرتاه بعد انتهاء فترة الحمل والرضاعة. وهذا ما نص عليه الإمام الشافعي في كتابه “الأم”، حيث قال: “على الحامل والمرضع قضاء الصيام الذي أفطرتاه”.

الفدية: إذا لم تتمكن الحامل أو المرضع من قضاء الصيام الذي أفطرتاه، فعليها أن تدفع فدية عن كل يوم أفطرته. والفدية هي إطعام مسكين واحد عن كل يوم أفطرته. وهذا ما نص عليه الإمام مالك في مدونته، حيث قال: “على من أفطر في رمضان بعذر قضاء الصيام، فإن لم يستطع فإطعام مسكين عن كل يوم”.

الكفارة: إذا أفطرت الحامل أو المرضع في رمضان بدون عذر شرعي، فعليها أن تدفع كفارة عن ذلك. والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتاليين، أو إطعام ستين مسكينًا. وهذا ما نص عليه الإمام أحمد بن حنبل في كتابه “المسند”، حيث قال: “من أفطر في رمضان بغير عذر فعليه عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتاليين، فإن لم يستطع فأطعام ستين مسكينًا”.

الخاتمة

وختامًا، فإن حكم صيام الحامل والمرضع هو حكم معقد وشائك، وقد وضع الفقهاء العديد من الأحكام لتحديد من يجب أن يصوم ومن يجب أن يفطر. وقد أفرد الفقهاء لذلك فصلا خاصا في كتب الفقه اهتموا فيه بحكم الصيام للحامل والمرضع وبيان شروطه وأحكامه، وقد تبين لنا من خلال هذه الدراسة أن صيام الحامل والمرضع جائز إذا كانتا قادرتين على ذلك دون أن يضر بصحتيهما أو بصحة أطفالهما. كما تبين لنا أن الحامل والمرضع يجب أن تفطرا إذا خافتا على نفسيهما أو على أطفالهما من الصيام. وقد أوضحنا أيضًا شروط صيام الحامل والمرضع، والأحكام المتعلقة بصيام الحامل والمرضع، والأدلة الشرعية على جواز الصيام للحامل والمرضع. نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لصيام رمضان على الوجه الصحيح الذي يرضيه عنا.

أضف تعليق