حكم قراءة الفاتحة في الصلاة في المذاهب الاربعة

حكم قراءة الفاتحة في الصلاة في المذاهب الاربعة

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:

فمن أهم أركان الصلاة وأعظمها قراءة سورة الفاتحة، فهي عماد الصلاة وأساسها، وحق على كل مكلف أن يتعلمها ويعرف أحكام قراءتها في الصلاة.

وسنتناول في هذا المقال حكم قراءة الفاتحة في الصلاة في المذاهب الأربعة، مبينين آراء الأئمة الأربعة في هذا الموضوع، وأدلة كل منهم، مستنيرين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

1. حكم قراءة الفاتحة في الصلاة في مذهب أبي حنيفة:

يرى الإمام أبو حنيفة أن قراءة الفاتحة في الصلاة ركن من أركان الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا بقراءتها، واستدل على ذلك بما يلي:

– قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].

– وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “لو أن رجلاً قام يصلي فقرأ بما شاء من القرآن ثم لم يقرأ فاتحة الكتاب، لم يكن صلاته صلاة”.

– عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “من صلى صلاة فلم يقرأ فاتحة الكتاب، فهي كمثل جسد لا روح فيه”.

2. حكم قراءة الفاتحة في الصلاة في مذهب مالك:

يرى الإمام مالك أن قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة، ولا تصح الصلاة بدونها، واستدل على ذلك بما يلي:

– وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “من ترك قراءة فاتحة الكتاب في صلاته متعمدًا فقد ترك الصلاة”.

– عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “من صلى صلاة لم يقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي كمثل جسد لا روح فيه”.

– عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الفجر بأم القرآن، وفي الثانية بالمعوذتين”.

3. حكم قراءة الفاتحة في الصلاة في مذهب الشافعي:

يرى الإمام الشافعي أن قراءة الفاتحة في الصلاة سنة مؤكدة، وليست واجبة، وإذا تركها المصلي سهوًا أو عمدًا فصلاته صحيحة.

واستدل على ذلك بما يلي:

– عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الفجر بأم القرآن، وفي الثانية بالمعوذتين”.

– وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة خفيفة يقرأ فيها بـ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، و {لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}”.

– وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الفجر بأم القرآن، وفي الثانية بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، وفي الثالثة بـ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}، وفي الرابعة بـ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، وفي الخامسة بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي السادسة بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، وفي السابعة بـ {لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}”.

4. حكم قراءة الفاتحة في الصلاة في مذهب أحمد:

يرى الإمام أحمد أن قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة، ولا تصح الصلاة بدونها، واستدل على ذلك بما يلي:

– قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].

– وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “لو أن رجلاً قام يصلي فقرأ بما شاء من القرآن ثم لم يقرأ فاتحة الكتاب، لم يكن صلاته صلاة”.

– عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “من صلى صلاة فلم يقرأ فاتحة الكتاب، فهي كمثل جسد لا روح فيه”.

5. الخلاف في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة:

اختلف الفقهاء في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة، فمنهم من يرى أنها ركن من أركان الصلاة، ومنهم من يرى أنها واجبة، ومنهم من يرى أنها سنة مؤكدة.

وقد استدل كل فريق على رأيه بأدلة من الكتاب والسنة، ولكن الراجح هو القول بأن قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة، وأن من تركها عمدًا فصلاته باطلة.

6. حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة:

اتفق الفقهاء على أن قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة واجبة على الإمام والمأموم، ولا تصح الصلاة بدونها.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجماعة بأم القرآن، ويسر القراءة”، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجماعة بأم القرآن، ويفصل بين كل آيتين بسكينة”.

7. حكم قراءة الفاتحة في صلاة المسافر:

اتفق الفقهاء على أن قراءة الفاتحة في صلاة المسافر سنة مؤكدة، وليست واجبة.

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع في السفر ركعتين، ويقرأ في الأولى بأم القرآن، وفي الثانية بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، ويسلم”، وعن جابر رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر ركعتين، ويقرأ في الأولى بأم القرآن، وفي الثانية بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.

الخاتمة:

وبناء على ما سبق، يتضح أن قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة على الإمام والمأموم، ولا تصح الصلاة بدونها، أما في صلاة المسافر فهي سنة مؤكدة. كما اتفق الفقهاء على أن قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة واجبة على الإمام والمأموم. وأخيرًا، نرجو من الله تعالى أن يوفقنا جميعًا إلى الصلاة الخاشعة، وأن يقبل منا صالح أعمالنا.

أضف تعليق