خطبة الجمعة عن الكبر

خطبة الجمعة عن الكبر

الخطبة الأولى

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

فإن الكبر من أعظم الرذائل وأشدها ضررًا على الفرد والمجتمع، وهو مرض القلب الذي يجعل صاحبه ينظر إلى نفسه بعين العظمة والتعالي، ويرى الآخرين دونه في المنزلة والقدر، وقد حذرنا الله تعالى من الكبر وجعله من صفات المنافقين، قال تعالى: “وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ” (المنافقون: 4).

1- مظاهر الكبر:

يعظم صاحب الكبر نفسه ويراها فوق الآخرين، فلا يقبل منهم نصيحة أو توجيهًا، ويظن أنه وحده على حق وأن الآخرين على باطل.

يستخف صاحب الكبر بالناس ويحتقرهم، ولا يعير لهم اهتمامًا، ولا يرى لهم قيمة أو منزلة.

يتكبر صاحب الكبر على الناس ويتجبر عليهم، ولا يعاملهم باللطف والرحمة، بل يتعامل معهم بالقسوة والعنف.

2- أسباب الكبر:

قد يكون الكبر ناتجًا عن الغرور بالنفس والتفاخر بالنسب أو المال أو الجاه، وقد يكون ناتجًا عن الشعور بالدونية والرغبة في التعويض عن ذلك بالتعالي على الآخرين.

قد يكون الكبر ناتجًا عن الجهل وعدم معرفة حقيقة النفس البشرية وقيمتها، وقد يكون ناتجًا عن سوء التربية التي تزرع في نفس الطفل بذور الكبر والتعالي.

3- آثار الكبر:

يؤدي الكبر إلى بغض الناس لصاحبه، فلا يحبه أحد ولا يقبل عليه، وينفر منه الجميع.

يؤدي الكبر إلى حرمان صاحبه من رحمة الله تعالى وعفوه، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً” (النساء: 36).

يؤدي الكبر إلى سوء الخاتمة والعذاب الأليم في الآخرة، قال تعالى: “وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ مَأْوًى” (غافر: 72).

الخطبة الثانية

4- علاج الكبر:

الاعتراف بالذنب والتوبة إلى الله تعالى، والتضرع إليه بالدعاء أن يخلصنا من الكبر والغرور.

معرفة حقيقة النفس البشرية وقيمتها، وأن الجميع سواء في هذه الحياة، وأن لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.

مخالطة الصالحين والتأسي بهم، فإنهم يعلموننا التواضع واللين والرحمة.

5- فضل التواضع:

التواضع من أعظم الفضائل وأحبها إلى الله تعالى، وهو من صفات الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.

التواضع سبب لحب الناس لصاحبه، وتقديرهم له واحترامهم إياه.

التواضع سبب لرحمة الله تعالى وعفوه، قال تعالى: “وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ” (الحجر: 88).

6- التواضع في القرآن والسنة:

حث القرآن الكريم على التواضع في كثير من الآيات، منها قوله تعالى: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ” (العنكبوت: 45).

حث الرسول صلى الله عليه وسلم على التواضع في كثير من الأحاديث، منها قوله: “لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر”.

7- قصص من التواضع:

من قصص التواضع قصة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما أقبل عليه رجل وقال له: يا أمير المؤمنين، إني قد ظلمتك، فقال له عمر: في أي شيء ظلمتك؟ قال: دخلت عليك يومًا وأنت تقضي بين الناس، فقلت في نفسي: ما هذا المتكبر الجالس على المنبر يظلم الناس، فالتفت إليَّ عمر وقال: يا هذا، إن كنت قد ظلمتك فلك عندي اليوم حق، وإن كنت لم أظلمك فلك عندي حق، قال الرجل: فوقع عمر مغشيًا عليه من شدة الحياء.

من قصص التواضع قصة سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، حينما كان يمشي في سوق الكوفة، فرآه طفل صغير فقال له: يا علي، ألا تركب دابة؟ فقال له علي: يا بني، إنَّ الدابة للنساء والمرضى، وأنا رجل صحيح.

الخاتمة:

عباد الله، إن الكبر من أعظم الرذائل وأشدها ضررًا على الفرد والمجتمع، وقد حذرنا الله تعالى من الكبر وجعله من صفات المنافقين، وإن التواضع من أعظم الفضائل وأحبها إلى الله تعالى، وهو من صفات الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، فاتقوا الله تعالى وأعرضوا عن الكبر والتكبر، وتواضعوا لله تعالى ولعباده، فإن التواضع خير من الكبر، والتواضع منقذ من المهالك، والتواضع سبب لحب الناس لصاحبه، وتقديرهم له واحترامهم إياه، والتواضع سبب لرحمة الله تعالى وعفوه، والتواضع من صفات المؤمنين الصالحين.

أضف تعليق