خطبة عن الدنيا مَتَاعُ الْغُرُورِ

خطبة عن الدنيا مَتَاعُ الْغُرُورِ

الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقدمة:

عباد الله، إن الدنيا دار غرور، ومتاعها زائل، وزينتها فانية، وما هي إلا جسر نمر عليه إلى الآخرة، فمن زهد فيها نجا، ومن رغب فيها هلك.

الدنيا دار فانية:

– الدنيا دار فانية، لا دوام فيها لشيء، فمهما بلغ الإنسان من رفعة ومجد، ومهما جمع من مال وثروة، فإنه إلى زوال، وإلى فناء، فكما قال الشاعر:

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوشك أن يُسلمهُ الدّهرُ لأحداثهِ

– وقد ضرب الله تعالى لنا في الدنيا أمثالاً كثيرة على فنائها وزوالها، فانظر إلى القصور الشامخة والبنيان الرفيع، كيف تهدم وتدمر مع مرور الزمن، وانظر إلى الأموال والثروات، كيف تتلاشى وتضيع، وانظر إلى المُلك والسلطان، كيف ينتقل من يد إلى يد.

– فاعلموا عباد الله، أن الدنيا دار فانية، وأن متاعها زائل، فلا تغتروا بها، ولا تركنوا إليها، فإنها لن تغني عنكم من الله شيئاً.

الدنيا دار ابتلاء:

– الدنيا دار ابتلاء واختبار، ابتلى الله تعالى بها عباده، ليميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من الكافر، والمطيع من العاصي.

– وقد جعل الله تعالى في الدنيا لذائذ ومتع، وجعل فيها أيضاً آلاماً ومصائب، فمن زهد في لذائذ الدنيا ومتعها، ورضي بما قسم الله له، وصبَر على آلامها ومصائبها، فإنه ينال رضوان الله تعالى، والفوز بالجنة.

– ومن رغب في لذائذ الدنيا ومتعها، وأعرض عن أمر الله تعالى، ولم يصبر على آلامها ومصائبها، فإنه يحبط عمله، ويخسر آخرته.

الدنيا دار غرور:

– الدنيا دار غرور، تخدع أهلها وتُمنيهم بما لا تناله أيديهم، فكم من إنسان غرته الدنيا، وأطمعته في متاعها الزائل، فبذل مهجته في سبيل نيلها، ثم لم ينل منها إلا الخيبة والندم.

– وقد قال الشاعر:

لو كنت ذا عقل لقلت لدنيا إني وجدتك غرّة ووجدتك شركا

– فاحذروا عباد الله، من غرور الدنيا وزينتها، ولا تغتروا بما فيها من متاع زائل، فإنها لن تغني عنكم من الله شيئاً.

الزهد في الدنيا:

– الزهد في الدنيا من أعظم العبادات وأجلها، وهو من صفات المتقين والصالحين، وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزهد في الدنيا، فقال: “الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر”.

– ومن علامات الزهد في الدنيا، قلة الرغبة في متاعها، والرضا بما قسم الله تعالى، والصبر على آلامها ومصائبها، والإقبال على طاعة الله تعالى، والإعراض عن معاصيه.

– والزاهد في الدنيا هو الذي لا يحزن لفقدها، ولا يفرح بوجودها، ولا يتعلق قلبه بها، بل يجعلها وسيلة للتقرب إلى الله تعالى، ونيل رضوانه.

مراتب الزهد في الدنيا:

– الزهد في الدنيا مراتب، فأعلى مراتب الزهد، أن يزهد الإنسان في نفسه، فلا يرى لها قيمة ولا اعتبار، وأن يزهد في أهله وماله، فلا يحبهم إلا لله تعالى، ولا يبذل ماله إلا في سبيل الله تعالى.

– ومن مراتب الزهد، أن يزهد الإنسان في الدنيا كلها، فلا يرغب في شيء منها، ولا يحب شيئاً منها، ولا يتعلق قلبه بها، بل يجعلها كلها وسيلة للتقرب إلى الله تعالى، ونيل رضوانه.

– ومن مراتب الزهد، أن يزهد الإنسان في لذائذ الدنيا ومتعها، فلا ينغمس فيها، ولا يتعلق بها، بل يجعلها وسيلة لقضاء حوائجه، ونيل مطالبه المشروعة.

ثمار الزهد في الدنيا:

– الزهد في الدنيا له ثمار كثيرة، منها: رضا الله تعالى، والفوز بالجنة، والبعد عن الحزن والهم والغم، والسلامة من الفتن والابتلاءات، والحصول على الراحة النفسية والطمأنينة القلبية.

– وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من زهد في الدنيا، أحبه الله وأحبه الناس، ومن رغب في الدنيا، أبغضه الله وأبغضه الناس”.

– وقال أيضاً: “الزهد في الدنيا زينة العبادة”.

الخاتمة:

عباد الله، إن الدنيا دار غرور، ومتاعها زائل، وزينتها فانية، فمن زهد فيها نجا، ومن رغب فيها هلك.

فزهدوا في الدنيا واعملوا للآخرة، فإن الآخرة خير وأبقى، ولا تغتروا بزينة الدنيا ومتاعها، فإنها لن تغني عنكم من الله شيئاً.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق