دعاء شكر

دعاء شكر

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ومن تمام العبودية لله تعالى، تقديم الشكر على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، فالشكر مظهر من مظاهر الإيمان بالله تعالى، واعتراف بفضله وإحسانه، وقد أمرنا الله تعالى بشكره في كثير من آيات القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7].

1. تعريف دعاء الشكر:

دعاء الشكر هو الدعاء الذي يُقدمه العبد لله تعالى، حمدًا وامتنانًا على نعمه الظاهرة والباطنة، الكبيرة والصغيرة، من منطلق الإيمان واليقين بأن هذه النعم من الله تعالى وحده، وأن العبد لا يستطيع أن يحصيها أو يعدّدها، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: 34].

2. أنواع دعاء الشكر:

هناك أنواع مختلفة من دعاء الشكر، منها:

أ. دعاء الشكر على النعم العامة:

وهو الدعاء الذي يشمل جميع النعم التي ينعم بها الله تعالى على عباده، مثل نعمة الإسلام، ونعمة العافية، ونعمة الرزق، ونعمة الأمن والأمان، ونعمة الاستقرار وغيرها، ومن الأدعية المأثورة في هذا النوع: “الحمد لله على كل حال”، و”الحمد لله دائمًا وأبدًا”.

ب. دعاء الشكر على النعم الخاصة:

وهو الدعاء الذي يقدمه العبد لله تعالى على نعم محددة أنعم بها عليه، مثل نعمة الشفاء من المرض، أو نعمة النجاح في الامتحان، أو نعمة الحصول على وظيفة جيدة، أو نعمة الزواج، وغيرها، ومن الأدعية المأثورة في هذا النوع: “الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات”، و”الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه”.

ج. دعاء الشكر على دفع البلاء:

وهو الدعاء الذي يقدمه العبد لله تعالى شكراً له على دفعه للبلاء عنه، مثل دعاء الشكر على دفع المرض، أو دعاء الشكر على النجاة من حادث، أو دعاء الشكر على حفظ الله تعالى لأهله وماله، ومن الأدعية المأثورة في هذا النوع: “الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً”، و”الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، ولا يضيع من شكره”.

3. فضل دعاء الشكر:

إن لدعاء الشكر فضلاً عظيمًا عند الله تعالى، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من شكر الله زاده، ومن كفر طمس عليه”، وفي رواية أخرى: “من أنعم الله عليه بنعمة فلم يشكرها، كمن أنعم على الرجل بالمال فلم يقبل منه”، وقد وعد الله تعالى الشاكرين بزيادة نعمه عليهم، فقال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].

4. آداب دعاء الشكر:

هناك آداب يجب مراعاتها عند تقديم دعاء الشكر، منها:

أ. الإخلاص لله تعالى:

ينبغي أن يكون دعاء الشكر خالصًا لله تعالى وحده، لا يُشرك معه أحدًا في الشكر، قال تعالى: ﴿وَأَنِ اشْكُرُوا لِلَّهِ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [البقرة: 238].

ب. الحضور والخشوع:

ينبغي أن يكون العبد حاضرًا بقلبه وخشوعه عند دعاء الشكر، وأن يبتعد عن كل ما يُلهيه عن الدعاء، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].

ج. التضرع والتذلل:

ينبغي أن يتضرع العبد إلى الله تعالى ويتذلل بين يديه عند دعاء الشكر، وأن يظهر له العبودية والافتقار، قال تعالى: ﴿وَتَذَلَّلُوا لِلَّهِ يُغْفَرْ لَكُمْ ذُنُوبُكُمْ﴾ [الحج: 34].

5. مواضع دعاء الشكر:

هناك مواضع كثيرة يمكن للعبد أن يدعو فيها دعاء الشكر، منها:

أ. بعد أداء العبادات:

ينبغي للعبد أن يدعو دعاء الشكر بعد أداء العبادات المفروضة والنوافل، مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45].

ب. عند حلول النعم:

ينبغي للعبد أن يدعو دعاء الشكر عند حلول النعم عليه، مثل نعمة الشفاء من المرض، أو نعمة النجاح في الامتحان، أو نعمة الحصول على وظيفة جيدة، أو نعمة الزواج، وغيرها، قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا﴾ [النحل: 91].

ج. عند دفع البلاء:

ينبغي للعبد أن يدعو دعاء الشكر عند دفع البلاء عنه، مثل دعاء الشكر على دفع المرض، أو دعاء الشكر على النجاة من حادث، أو دعاء الشكر على حفظ الله تعالى لأهله وماله، قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يُشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يُشْكُرِ اللَّهَ﴾ [الأدب المفرد للبخاري].

6. أدعية مأثورة في الشكر:

هناك العديد من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الشكر، منها:

أ. دعاء الشكر على النعم العامة:

“الحمد لله على كل حال”، و”الحمد لله دائمًا وأبدًا”.

ب. دعاء الشكر على النعم الخاصة:

“الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات”، و”الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه”.

ج. دعاء الشكر على دفع البلاء:

“الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً”، و”الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، ولا يضيع من شكره”.

7. الخاتمة:

إن دعاء الشكر هو عبادة عظيمة، ومظهر من مظاهر الإيمان بالله تعالى، واعتراف بفضله وإحسانه، وقد أمرنا الله تعالى بشكره في كثير من آيات القرآن الكريم، ووعد الشاكرين بزيادة نعمه عليهم، فينبغي للمسلم أن يحرص على تقديم دعاء الشكر لله تعالى في جميع الأحوال، سواء عند حلول النعم أو عند دفع البلاء، وأن يتضرع إلى الله تعالى ويتذلل بين يديه عند الدعاء، وأن يخلص دعاءه لله تعالى وحده، لا يُشرك معه أحدًا في الشكر.

أضف تعليق