شكرتم الواهب

شكرتم الواهب

شكرتم الواهب

مقدمة:

يشكل شكر المانح عملاً من أعمال التقوى التي حثّ عليها الإسلام وأمر بها، إذ إن شكر المنعم الواهب واجب على كل إنسان مؤمن، ومن لم يشكر الواهب فقد جحد نعمته وكفر بها، ولذلك كان شكر المانح دليلاً على الإيمان بالله تعالى وعلى معرفة نعمه وفضله.

1. منزلة الشكر في الإسلام:

• كان شكر المانح من أهم صفات الأنبياء والمرسلين، فقد شكروا الله على نعمه وعطائه، ومن أبرز الأمثلة على ذلك نبي الله سليمان الذي حمد الله على نعمه الكثيرة، وكذلك نبي الله يونس الذي شكر الله على إنقاذه من بطن الحوت.

• حث القرآن الكريم على شكر المانح في العديد من الآيات، ومنها قوله تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”، وقوله تعالى: “وَاشْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ”.

• بين الرسول صلى الله عليه وسلم منزلة الشكر في الإسلام، فقال: “من لم يشكر الناس لم يشكر الله”، وقال: “الشكر عند الله عز وجل أعظم من الصدقة”.

2. فضل شكر المانح:

• إن شكر المانح يزيد من النعم ويجلب المزيد من الخير، كما أنه يرضي الله تعالى ويقرب العبد منه، قال الله تعالى: “وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا”.

• شكر المانح يجعل العبد أكثر رضا بقضاء الله وقدره، ويعينه على تحمل المصاعب والشدائد، كما أنه يفتح له أبواب الرزق وييسر له الأمور.

• شكر المانح دليل على حسن التربية والأخلاق، وعلامة على كرم النفس وعزة الإيمان، وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على الذين يشكرون الناس، فقال: “من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه”.

3. أنواع الشكر:

• شكر القلب: وهو أن يعترف العبد بنعم الله تعالى عليه، وأن يحمد الله عليها في سره، ويقر بأنه لا يستحق هذه النعم، وأنها من فضل الله وكرمه.

• شكر اللسان: وهو أن يثني العبد على الله تعالى علانية، ويحمد نعمه، ويشكر من أنعم عليه، قال الله تعالى: “وَاشْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ”.

• شكر الجوارح: وهو أن يستخدم العبد نعم الله تعالى فيما خلقها له، وأن يستغلها في طاعته وعبادته، قال الله تعالى: “وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ”.

4. شكر النعم المادية:

• إن شكر النعم المادية يكون باستخدامها فيما يرضي الله تعالى، وعدم التبذير والإسراف فيها، قال الله تعالى: “وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.

• شكر النعم المادية يكون أيضًا بالمحافظة عليها وتجنب إتلافها أو إضاعتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تضيعوا نعم الله تعالى”.

• يجب على العبد أن يشكر الله على نعمه المادية والصحة والرزق والعافية، وأن يستغل هذه النعم في طاعة الله وعبادته.

5. شكر النعم المعنوية:

• إن شكر النعم المعنوية يكون بالعمل بها، وبنشرها بين الناس، قال الله تعالى: “وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”.

• شكر النعم المعنوية يكون أيضًا بالدعاء الله تعالى بأن يزيدنا منها، ويثبتها علينا، وأن ينفعنا بها.

• يجب على العبد أن يشكر الله على نعمه المعنوية كالهداية والإيمان والعلم والتقوى، وأن يستغل هذه النعم في طاعة الله وعبادته.

6. شكر الإحسان إلى الناس:

• إن شكر الإحسان إلى الناس يكون بمكافأتهم بالإحسان، أو بالدعاء لهم، أو بذكرهم بالخير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه”.

• شكر الإحسان إلى الناس يكون أيضًا بالمحافظة على علاقتهم بنا، وتجنب قطع صلتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قطع رحمه لم يدخل الجنة”.

• يجب على العبد أن يشكر من أحسن إليه، وأن يكافئه على إحسانه، وأن يدعو له بالخير.

7. أثر شكر المانح في الفرد والمجتمع:

• إن شكر المانح يزيد من محبة الناس للعبد، ويجعله محبوبًا من الجميع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الناس أحسنهم خلقًا وأكثرهم بشاشة وأكثرهم شكرًا”.

• شكر المانح يساعد على تقوية الروابط الاجتماعية، وزيادة التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع، قال الله تعالى: “وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”.

• شكر المانح يجعل الفرد أكثر سعادة ورضا بقضاء الله وقدره، ويساعده على تحمل المصاعب والشدائد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير”.

خاتمة:

إن شكر المنعم الواهب واجب على كل إنسان مؤمن، وشكر المانح من أهم صفات الأنبياء والمرسلين، وقد حث الإسلام على شكر المانح في العديد من الآيات والأحاديث، وجعل شكر المانح من دلائل الإيمان بالله تعالى.

أضف تعليق