هل يجوز تهنئة النصارى باعيادهم

هل يجوز تهنئة النصارى باعيادهم

هل يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم

المقدمة

إن مسألة تهنئة النصارى بأعيادهم من المسائل التي اختلف فيها العلماء، فمنهم من أباح ذلك ومنهم من حرمه. وفي هذا المقال سنحاول تسليط الضوء على أدلة الفريقين وأقوالهم في هذه المسألة.

أولاً: أدلة من أباح تهنئة النصارى بأعيادهم

1. قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَرُدُّوهَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86].

قال بعض العلماء إن هذه الآية تدل على وجوب رد التحية على من يحيينا بها، سواء كان مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً. ومن ثم، يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم لأنها من قبيل رد التحية.

2. حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه”.

قال بعض العلماء إن هذا الحديث يدل على جواز السلام على اليهود والنصارى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن السلام عليهم مطلقاً، وإنما نهى عن بدئهم بالسلام فقط. ومن ثم، يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم لأنها من قبيل السلام عليهم.

3. العمل بالمعروف مع غير المسلمين:

قال بعض العلماء إن الإسلام يحث على العمل بالمعروف مع غير المسلمين، وأن من ذلك تهنئتهم بأعيادهم. فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”.

ثانياً: أدلة من حرم تهنئة النصارى بأعيادهم

1. قوله تعالى: {وَلا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].

قال بعض العلماء إن هذه الآية تدل على تحريم موالاة اليهود والنصارى واتخاذهم أولياء، وأن من ذلك تهنئتهم بأعيادهم لأنها من قبيل موالاتهم.

2. حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من تشبه بقوم فهو منهم”.

قال بعض العلماء إن هذا الحديث يدل على تحريم التشبه باليهود والنصارى في أي شيء من أمور دينهم أو عاداتهم، وأن من ذلك تهنئتهم بأعيادهم لأنها من قبيل التشبه بهم.

3. إجماع العلماء على تحريم المشاركة في أعياد غير المسلمين:

قال بعض العلماء إن إجماع العلماء على تحريم المشاركة في أعياد غير المسلمين يدل على تحريم تهنئتهم بأعيادهم، لأن التهنئة من قبيل المشاركة.

ثالثاً: رأي جمهور العلماء في مسألة تهنئة النصارى بأعيادهم

يرى جمهور العلماء أنه لا يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم، مستدلين بالأدلة التي ذكرناها سابقاً. وقد قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه “المجموع”: “لا يجوز تهنئة الكفار بأعيادهم، ولا معاونتهم على إظهارها، ولا بيع شيء مما يتخذونه لأعيادهم، ولا إهداؤه إليهم، ولا قبوله منهم”.

رابعاً: حكم تهنئة النصارى بأعيادهم في حال الضرورة

إذا كان هناك ضرورة ملحة لتجنب ضرر كبير أو تحقيق مصلحة كبيرة، مثل الحفاظ على العلاقات الطيبة مع الجيران أو الزملاء أو العملاء النصارى، فقد يجوز حينئذ تهنئتهم بأعيادهم. ولكن يجب أن يكون ذلك في حدود الضرورة فقط، وأن لا يتضمن أي نوع من المشاركة في أعيادهم أو التشبه بهم.

خامساً: حكم تهنئة النصارى بأعيادهم في حال عدم الضرورة

إذا لم تكن هناك ضرورة ملحة لتجنب ضرر كبير أو تحقيق مصلحة كبيرة، فلا يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم، لأن ذلك من قبيل موالاتهم والتشبه بهم، وهو محرم شرعاً.

سادساً: حكم قبول تهنئة النصارى للمسلمين بأعيادهم

يجوز للمسلمين قبول تهنئة النصارى لهم بأعيادهم، لأن ذلك من قبيل رد التحية، وهو واجب شرعاً. ولكن يجب أن لا يتضمن ذلك أي نوع من المشاركة في أعيادهم أو التشبه بهم.

سابعاً: الخاتمة

وفي الختام، فإن مسألة تهنئة النصارى بأعيادهم من المسائل الخلافية بين العلماء، وقد ذكرنا أدلة الفريقين وأقوالهم في هذا المقال. ويرى جمهور العلماء أنه لا يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم، إلا في حال الضرورة الملحة لتجنب ضرر كبير أو تحقيق مصلحة كبيرة.

أضف تعليق