مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن قراءة القرآن الكريم عبادة عظيمة، ومن أعظم القربات إلى الله تعالى. وللقرآن الكريم فضل كبير، وقد ذُكرت في فضله أحاديث كثيرة، ومنها ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف”.
ومن الآداب التي يجب مراعاتها عند قراءة القرآن الكريم الوضوء، وذلك لأن القرآن كلام الله تعالى، وهو مقدس، ولا يجوز قراءته إلا بطهارة.
الوضوء لقراءة القرآن الكريم
أجمع العلماء على وجوب الوضوء لقراءة القرآن الكريم، وهو من شروط قراءة القرآن، سواء كان القارئ رجلاً أم امرأة، صغيرًا أم كبيرًا، حافظًا أم غير حافظ.
وجوب الوضوء لقراءة القرآن الكريم يدل عليه قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79]، وقوله تعالى: {وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: 6].
وقد اتفق الفقهاء على وجوب الوضوء لقراءة القرآن الكريم، وقد نقل الإجماع في ذلك ابن المنذر والقرطبي والشوكاني وغيرهم.
حالات لا يجب فيها الوضوء لقراءة القرآن الكريم
يوجد بعض الحالات التي لا يجب فيها الوضوء لقراءة القرآن الكريم، وهي:
القراءة من المصحف الشريف.
القراءة من على شاشة الحاسوب أو الهاتف المحمول.
القراءة من الكتابة على الورق أو على أي شيء آخر غير المصحف الشريف.
هذه الحالات من القراءة لا يجب فيها الوضوء، لأنها لا تمس المصحف الشريف.
حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف
اختلف العلماء في حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يحرم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف، وهو قول جمهور العلماء، وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي عليه العمل.
القول الثاني: يكره قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف، وهو قول بعض العلماء.
القول الثالث: يجوز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف، وهو قول قليل من العلماء.
أدلة القائلين بحرمة قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف
استدل القائلون بحرمة قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف بأدلة، منها:
قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79].
قوله تعالى: {وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: 6].
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر”.
أدلة القائلين بكراهة قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف
استدل القائلون بكراهة قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف بأدلة، منها:
قوله تعالى: {وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: 6].
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر”.
حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من مس القرآن فليتوضأ”.
أدلة القائلين بجواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف
استدل القائلون بجواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف بأدلة، منها:
قوله تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: 6].
حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن وهو جنب.
حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن وهو حائض.
الرد على أدلة القائلين بجواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف
رد العلماء على أدلة القائلين بجواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف بأن هذه الأدلة ضعيفة، أو أنها محمولة على غير قراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف.
أما بالنسبة لقوله تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: 6]، فهذا متعلق بالصلاة، وليس بقراءة القرآن الكريم.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فإن القائلين بجواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف قالوا: إن هذا الحديث لا يصح، أو أنه محمول على قراءة القرآن الكريم من غير المصحف.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها، فإن القائلين بجواز قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف قالوا: إن هذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حائضًا، ولكنها كانت تتوضأ لقراءة القرآن الكريم.
الخلاصة
الأقوال الراجحة في حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف هي:
القول الأول: يحرم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف، وهو قول جمهور العلماء، وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي عليه العمل.
القول الثاني: يكره قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف، وهو قول بعض العلماء.
هذا هو الصحيح في حكم قراءة القرآن الكريم بدون وضوء من المصحف الشريف.