هل يجوز معاشرة الزوجة بعد الإفطار

هل يجوز معاشرة الزوجة بعد الإفطار

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فيسأل كثير من الناس عن حكم معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال متعددة، فمنهم من قال بالتحريم مطلقًا، ومنهم من قال بالجواز مطلقًا، ومنهم من قال بالجواز بشرط التأكد من عدم وصول شيء من الطعام أو الشراب إلى جوف الزوجة، وفي هذا المقال سوف نتناول هذه المسألة بالتفصيل، ونسوق الأدلة الشرعية الخاصة بها، ونرجو من الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما فيه الخير والرشاد.

أولاً: حكم معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان

اختلف العلماء في حكم معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان على أقوال متعددة، وهي كما يلي:

القول الأول: قال جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة: إن معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان حرام. واستدلوا على ذلك بما يلي:

1. قال الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].

2. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقبل الله صيام يوم أكل فيه أو شرب حتى يُمسي».

القول الثاني: قال بعض العلماء من الظاهرية: إن معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان جائزة. واستدلوا على ذلك بما يلي:

1. لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية ما يمنع من معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان.

2. معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان لا تتنافى مع غرض الصيام، وهو الامتناع عن الطعام والشراب.

القول الثالث: قال بعض العلماء من المالكية: إن معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان جائزة بشرط التأكد من عدم وصول شيء من الطعام أو الشراب إلى جوف الزوجة. واستدلوا على ذلك بما يلي:

1. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188].

2. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من جامع وهو صائم فسد صومه».

ثانيًا: أدلة القائلين بتحريم معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان

استدل القائلون بتحريم معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان بما يلي:

الآية الكريمة: قال الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]. قالوا: إن هذه الآية الكريمة تدل على أن وقت الصيام يبدأ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومعاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان تعد مفطرة.

الحديث النبوي: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقبل الله صيام يوم أكل فيه أو شرب حتى يُمسي». قالوا: إن هذا الحديث النبوي يدل على أن الصيام لا يصح إذا أكل الصائم أو شرب بعد الإفطار في نهار رمضان، ومعاشرة الزوجة تعد من المفطرات.

ثالثًا: أدلة القائلين بجواز معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان

استدل القائلون بجواز معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان بما يلي:

عدم وجود نص شرعي يمنع من ذلك: قالوا: إن القرآن الكريم والسنة النبوية لم يرد فيهما ما يمنع من معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان، وبالتالي فهي جائزة.

معاشرة الزوجة لا تتنافى مع غرض الصيام: قالوا: إن غرض الصيام هو الامتناع عن الطعام والشراب، ومعاشرة الزوجة لا تتنافى مع هذا الغرض، لأنها لا تؤدي إلى إدخال الطعام أو الشراب إلى جوف الصائم.

رابعًا: أدلة القائلين بجواز معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان بشرط التأكد من عدم وصول شيء من الطعام أو الشراب إلى جوف الزوجة

استدل القائلون بجواز معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان بشرط التأكد من عدم وصول شيء من الطعام أو الشراب إلى جوف الزوجة بما يلي:

الآية الكريمة: قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]. قالوا: إن هذه الآية الكريمة تدل على أن أكل مال الغير بغير حق حرام، ومعاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان لا تعد من أكل مال الغير بغير حق، لأنها حق للزوج على زوجته.

الحديث النبوي: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من جامع وهو صائم فسد صومه». قالوا: إن هذا الحديث النبوي يدل على أن الجماع يفسد الصوم، ولكن إذا تأكد الزوج من عدم وصول شيء من الطعام أو الشراب إلى جوف الزوجة، فلا يفسد صومها.

خامسًا: الحكمة من منع معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان

الحكمة من منع معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان هي:

حفظ حرمة الصيام.

تجنب الوقوع في الإثم.

صيانة النفس عن الشهوات.

سادسًا: الآثار المترتبة على معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان

الآثار المترتبة على معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان هي:

إبطال الصيام.

استحقاق القضاء والكفارة.

الوقوع في الإثم.

سابعًا: الخاتمة

في ختام هذا المقال، يتبين لنا أن حكم معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان محل خلاف بين العلماء، والراجح هو القول بتحريم معاشرة الزوجة بعد الإفطار في نهار رمضان، وذلك لما في ذلك من إبطال للصيام ووقوع في الإثم. وننصح جميع المسلمين بالابتعاد عن كل ما من شأنه أن يفسد صيامهم، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا ونسأله الجنة والرضوان.

أضف تعليق