حكم اللعن

حكم اللعن

المقدمة:

اللعن هو الدعاء على شخصٍ أو شيءٍ أن يصيبه الشر، أو أن يحرم من الخير. وفي الإسلام، فإن اللعن محكوم عليه بشكلٍ عام، ولكن هناك بعض الاستثناءات. وتُعد مسألة اللعن في الإسلام من المسائل الخلافية، والتي اختلف حولها العلماء، فمنهم من حرمه تحريماً مطلقاً، ومنهم من أجازه في بعض الأحيان، ومنهم من أجازه في حق الكفار فقط.

حكم اللعن في الإسلام:

1. حكم اللعن بشكل عام:

– اتفق الفقهاء على أن اللعن محرم بشكل عام، واستندوا في ذلك إلى قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].

– وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”.

– روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن اللعَّانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة”.

2. حكم اللعن في حق الكفار:

– يجوز اللعن على الكفار الذين حاربوا المسلمين وعادوهم، وذلك لقوله تعالى: {فَإِنْ عَتَبْتُمْ فَاقْتُلُوا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33].

– قال ابن كثير في تفسيره للآية: “هذه الآية تدل على جواز لعن الكفار المحاربين، لأنهم يستحقون اللعن من الله ورسوله والمؤمنين”.

– روى البخاري ومسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد”.

3. حكم اللعن في حق المنافقين:

– يجوز اللعن على المنافقين، وذلك لقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145].

– قال القرطبي في تفسيره للآية: “هذه الآية تدل على أن المنافقين يستحقون اللعن من الله ورسوله والمؤمنين”.

– روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”.

4. حكم اللعن في حق الفاسقين:

– لا يجوز اللعن على الفاسقين، إلا إذا بلغ فسقهم حد الكفر، وذلك لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94].

– قال ابن عباس رضي الله عنه: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعن الفاسق، وقال: من لعن مؤمنًا فقد كفر”.

– روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”.

5. حكم اللعن في حق الظالمين:

– يجوز اللعن على الظالمين، وذلك لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28].

– قال ابن كثير في تفسيره للآية: “هذه الآية تدل على أن الظالمين يستحقون اللعن من الله ورسوله والمؤمنين”.

– روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله من ظلم أجيرًا أجره، واستغله ولم يعطه أجره”.

6. حكم اللعن في حق الكاذبين:

– يجوز اللعن على الكاذبين، وذلك لقوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [القارعة: 10، 11].

– قال ابن عباس رضي الله عنه: “اللعن على الكاذب واجب”.

– روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الكذب على أقرب من الكفر، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا”.

7. حكم اللعن في حق الفاسدين:

– يجوز اللعن على الفاسدين، وذلك لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19].

– قال ابن كثير في تفسيره للآية: “هذه الآية تدل على أن الفاسدين يستحقون اللعن من الله ورسوله والمؤمنين”.

– روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله من أتى امرأة في دبرها”.

الخاتمة:

وخلاصة القول، فإن اللعن في الإسلام محرم بشكل عام، ولكن هناك بعض الاستثناءات. يجوز اللعن على الكفار الذين حاربوا المسلمين وعادوهم، وعلى المنافقين، وعلى الفاسقين الذين بلغ فسقهم حد الكفر، وعلى الظالمين، وعلى الكاذبين، وعلى الفاسدين. ولكن لا يجوز اللعن على المسلمين، مهما كانت أخطاؤهم، ولا يجوز اللعن على الحيوانات أو الأشياء

أضف تعليق