حكم تارك الصلاة في المذهب الحنفي

No images found for حكم تارك الصلاة في المذهب الحنفي

مقدمة

الصلاةُ ركنٌ عظيمٌ من أركان الإسلام الخمسة، وقد أجمع المسلمون على وجوبها ومشروعيتها، إلا أنه وردت أحاديث كثيرة تحذِّر من تركها وتهدد من يتخلف عنها بتوعدات شديدة، وتوعدهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى جانب حرمانهم من دخول الجنة، ومن هذه الأحاديث قوله عليه الصلاة والسلام: (العهْدُ الذي بينَنا وبينَهُمُ الصلاةُ، فمَنْ تركَها فقد كفرَ). واختلف الفقهاء في حكم تارك الصلاة، فذهب جمهور العلماء إلى تكفيره، وذهب الحنفية إلى القول بفسقه وعدم كفره.

تارك الصلاة عند الحنفية:

يرى الحنفية أن تارك الصلاة خارج عن دائرة الإسلام، لكنه ليس كافرًا كفرًا أكبر، بل مرتكب لكبيرة. ويستدلون على ذلك بالعديد من الأدلة من القرآن والسنة.

أدلة الحنفية على عدم تكفير تارك الصلاة:

1. قول الله تعالى: {وَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُضِلُّنَا أَنَّا اتَّبَعْنَا آبَاءَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمُرْسِلُ شَيْءٍ} [المؤمنون: 24].

2. وقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].

3. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

4. وقوله صلى الله عليه وسلم: (من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر).

حكم تارك الصلاة في المذهب الحنفي:

اتفق فقهاء الحنفية على أن تارك الصلاة مرتكب لكبيرة، وإن كان مع ذلك مؤمنًا وعاصيًا، إلا أنهم قد اختلفوا في حكمه من حيث كونه معصية فقط أو كفرًا أصغر أو أكبر، وبين الأقوال الأربعة في حكم تارك الصلاة، هناك قول رابع وخامس على خلاف القولين الآخرين، يتناولان حكم تكفير تارك الصلاة وكفر تارك الصلاة الواحد.

حكم تارك الصلاة في المذهب الحنفي أربعة أقوال:

من حيث كونه معصية فقط أو كفرًا:

1. القول الأول: أنه مرتكب لكبيرة فقط.

2. القول الثاني: أنه مرتكب لكبيرة وكفر أصغر.

3. القول الثالث: أنه مرتكب لكبيرة وكفر أكبر.

4. القول الرابع: تارك الصلاة الواحد مرتكب لكفر أكبر.

5. القول الخامس: تارك الصلاة المتتابع مرتكب لكفر أكبر.

الأدلة على القول الأول:

1. قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33].

2. قوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

3. وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “الصلاة عماد الدين، ومن أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين”.

الأدلة على القول الثاني:

1. قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5].

2. وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكُفْرٌ بِالْآخِرَةِ} [العنكبوت: 66].

3. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الكفر بالله أكبر من الزنى).

الأدلة على القول الثالث:

1. قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].

2. وقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].

3. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو لا يعبد إلا الله دخل الجنة).

خاتمة

اتفق فقهاء المذهب الحنفي على أن تارك الصلاة معصية كبيرة، لكنهم اختلفوا في حكمه من حيث كونه معصية فقط أو كفرًا أصغر أو أكبر. ورجح بعض الفقهاء القول الأول، وهو أن تارك الصلاة مرتكب لكبيرة فقط، مستدلين بالعديد من الأدلة من القرآن والسنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *