مقدمة
يعتبر يوم عرفة أحد الأيام المباركة التي يترقبها المسلمون كل عام، والذي يوافق اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، حيث يحرص الكثيرون على صيامه لما له من فضل وأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل صيامه کفارة عن ذنوب السنة الماضية والسنة القادمة، فما حكم صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان؟ وهل يجزئ عنه؟
أولاً: أقوال العلماء في حكم صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان
اختلف العلماء في حكم صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان إلى ثلاثة أقوال:
1. القول الأول: يجزئ صيام يوم عرفة عن قضاء رمضان
ذهب بعض العلماء إلى أن صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان يجزئ عنه ويغني عن قضاء الأيام التي فاتته من شهر رمضان، وذلك لما ورد في الحديث الشريف الذي رواه مسلم عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صوم يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين: السنة الماضية والسنة القادمة”.
2. القول الثاني: لا يجزئ صيام يوم عرفة عن قضاء رمضان
وقال بعض العلماء الآخرين إن صيام يوم عرفة لا يجزئ عن قضاء رمضان، ولا يسقط عنه، بل يجب عليه أن يقضي الأيام التي فاتته من رمضان، وذلك لأن قضاء رمضان واجب، وصيام يوم عرفة تطوع، والتطوع لا يسقط الواجب.
3. القول الثالث: التفريق بين من تعمد ترك قضاء رمضان ومن لم يتعمد
ذهب بعض العلماء إلى التفريق بين من تعمد ترك قضاء رمضان ومن لم يتعمد، فمن تعمد ترك قضاء رمضان فلا يجزئه صيام يوم عرفة عن القضاء، ويجب عليه قضاء الأيام التي فاتته من رمضان، أما من لم يتعمد ترك قضاء رمضان، بل كان قضاء رمضان شاقًا عليه بسبب المرض أو السفر أو غير ذلك، فإن صيام يوم عرفة يجزئه عن القضاء، ولا يجب عليه قضاء الأيام التي فاتته من رمضان.
ثانيًا: الأدلة على كل قول من الأقوال الثلاثة
1. أدلة القول الأول
استدل أصحاب القول الأول بحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صوم يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين: السنة الماضية والسنة القادمة”، فدل هذا الحديث على أن صيام يوم عرفة يكفر الذنوب، ومنها ذنوب ترك صيام رمضان.
2. أدلة القول الثاني
استدل أصحاب القول الثاني بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال، فكأنما صام الدهر”، فدل هذا الحديث على أن قضاء رمضان واجب، ولا يسقط إلا بقضائه.
3. أدلة القول الثالث
استدل أصحاب القول الثالث بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من نسي صوم يوم من رمضان، أو نام عنه، فكفارته صيام يوم مكانه”، فدل هذا الحديث على أن من فاته صوم يوم من رمضان فعليه أن يقضيه، لكن إذا كان تركه لقضاء رمضان لعذر شرعي، فإن صيام يوم عرفة يجزئه عن القضاء.
ثالثًا: الراجح من أقوال العلماء
الراجح من أقوال العلماء هو القول الثالث، وهو التفريق بين من تعمد ترك قضاء رمضان ومن لم يتعمد، فمن تعمد ترك قضاء رمضان فلا يجزئه صيام يوم عرفة عن القضاء، ويجب عليه قضاء الأيام التي فاتته من رمضان، أما من لم يتعمد ترك قضاء رمضان، بل كان قضاء رمضان شاقًا عليه بسبب المرض أو السفر أو غير ذلك، فإن صيام يوم عرفة يجزئه عن القضاء، ولا يجب عليه قضاء الأيام التي فاتته من رمضان.
رابعًا: الحكمة من صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان
الحكمة من صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان هي أنه يعتبر فرصة عظيمة للتكفير عن ذنوب ترك صيام رمضان، كما أنه يعد فرصة للتوبة والاستغفار والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى أنه يوم مبارك فيه أجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
خامسًا: شروط صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان
يشترط لصحة صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان عدة شروط، وهي:
1. أن يكون الصائم مسلمًا.
2. أن يكون الصائم بالغًا عاقلًا.
3. أن يكون الصائم صحيحًا قادرًا على الصيام.
4. أن لا يكون الصائم مسافرًا.
5. أن ينوي الصائم صيام يوم عرفة قبل الفجر.
سادسًا: كيفية صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان
يصوم يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان بنفس طريقة صيام رمضان، حيث يمتنع عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، ويستحب له أن يتسحر قبل الفجر ويفطر بعد الغروب.
سابعًا: فضل صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان
لصيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان فضل عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ومن فضله:
1. أنه يكفر ذنوب سنتين: السنة الماضية والسنة القادمة.
2. أنه يعتبر فرصة عظيمة للتوبة والاستغفار والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
3. أنه يوم مبارك فيه أجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
خاتمة
في الختام، فإن حكم صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان هو أنه يجزئ عن القضاء لمن لم يتعمد ترك قضاء رمضان، بل كان قضاء رمضان شاقًا عليه بسبب المرض أو السفر أو غير ذلك، أما من تعمد ترك قضاء رمضان فلا يجزئه صيام يوم عرفة عن القضاء، ويجب عليه قضاء الأيام التي فاتته من رمضان.