حكم قراءة القرآن للحائض من الهاتف
مقدمة:
وُجِدَت النساء المسلمات في العصر الحديث الذي يكتنفه زخم التكنولوجيا الحديثة، في قلب نقاش حول حكم قراءة القرآن الكريم أثناء الحيض من الهاتف المحمول. فهذا السلوك العصري يثير تساؤلات جدية حول ما إذا كان جائزًا شرعًا للمرأة الحائض تلاوة القرآن من خلال هذه الوسيلة الرقمية أم لا. وللتعمق في هذا الموضوع، سنتناول بالتفصيل حكم قراءة القرآن للحائض من الهاتف، ونقدم الأدلة القرآنية والنبوية على ذلك.
1. تعريف الحيض في الإسلام:
الحيض هو ظاهرة طبيعية تحدث للمرأة كل شهر، حيث يتدفق دم الحيض من رحمها.
في الإسلام، تُعتبر المرأة حائضًا طوال فترة الحيض، والتي تبدأ بظهور الدم وتستمر حتى تنتهي هذه الدورة الشهرية تمامًا.
يحظر الإسلام على المرأة الحائض أن تصلي أو تصوم أو تمس المصحف الشريف أو تدخله المسجد.
2. حكم قراءة القرآن للحائض:
جمهور العلماء يحرمون على المرأة الحائض قراءة القرآن الكريم، استنادًا إلى الأدلة النبوية الواردة في هذا الصدد.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: “كانت الحائضُ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تُؤمر أن تعتزل المسجد، ولا تقرأ شيئًا من القرآن”.
كذلك عن علي -رضي الله عنه- قال: “لا تقرأ الحائض شيئًا من القرآن، ولا تصلي، ولا تصوم”.
3. أسباب تحريم قراءة القرآن للحائض:
إجلال وتقديس القرآن الكريم: يرى العلماء أن تحريم قراءة القرآن للمرأة الحائض هو من باب تعظيم وتقديس كلام الله تعالى.
النقاء والطهارة: عند قراءة القرآن الكريم، يُفضّل أن تكون المرأة في حالة من النقاء والطهارة، وهذا ما لا يتوفر للمرأة الحائض.
خوفا من المساس بالقرآن: يحرم على المرأة الحائض أن تمس المصحف الشريف مباشرة، لذلك يمنع قراءته خشية المساس به بطريقة غير مقصودة.
4. كيفية تعويض قراءة القرآن للحائض:
يُنصح المرأة الحائض بالاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم بصوت الآخرين بدلاً من قراءته بنفسها.
يمكن للمرأة الحائض تلاوة أو قراءة الأدعية أو الأذكار أو التسبيح أو غيرها من العبادات التي لا تتطلب قراءة القرآن.
يجب أن تحرص المرأة الحائض على تعويض ما فاتها من تلاوة القرآن الكريم بعد انتهاء حيضها.
5. أحكام أخرى متعلقة بالحيض:
يحظر على المرأة الحائض دخول المسجد سواء لأداء الصلاة أو لأي غرض آخر.
لا يجوز للمرأة الحائض أن تمس المصحف الشريف أو تحمله أو تدخله في أي مكان.
تُعتبر المرأة الحائض معذورة في ترك الصيام، لكن يُطلب منها قضائه بعد انتهاء حيضها.
6. عناية العلماء بقراءة القرآن للحائض:
يرى بعض العلماء أنه يجوز للمرأة الحائض قراءة القرآن من الهاتف المحمول أو أي وسيلة إلكترونية أخرى، شريطة ألا تمس المصحف الشريف مباشرة.
يستدل هؤلاء العلماء بكون الهاتف أو الجهاز الإلكتروني يمثل حائلًا بين المرأة والقرآن الكريم، وبالتالي لا يُعتبر مسًا مباشرًا بالمصحف.
كما يشدد هؤلاء العلماء على ضرورة الالتزام بالآداب الشرعية عند قراءة القرآن من الهاتف، مثل الجلوس في مكان نظيف ومناسب وقراءة القرآن بصوت منخفض.
7. الخلاف الفقهي حول قراءة القرآن للحائض:
على الرغم من وجود الإجماع بين العلماء على تحريم قراءة القرآن للحائض، إلا أن هناك بعض الخلافات الفقهية حول جواز قراءته من الهاتف المحمول أو غيره من الأجهزة الإلكترونية.
فمن العلماء من يرى جواز ذلك على اعتبار أن الهاتف المحمول حائل بين المرأة والقرآن الكريم، بينما يرى البعض الآخر تحريمه على اعتبار أن قراءة القرآن من الهاتف المحمول تعتبر قراءة مباشرة للمصحف الشريف.
استنتاج:
إن مسألة حكم قراءة القرآن للحائض من الهاتف هي مسألة اجتهادية، وقد اختلف العلماء في حكمها بين التحريم والجواز. والراجح هو تحريم قراءة القرآن للحائض سواء من الهاتف المحمول أو غيره من الوسائل الإلكترونية، وذلك لإجلال وتقديس كلام الله تعالى. ولكن يجوز للمرأة الحائض الاستماع إلى تلاوة القرآن بصوت الآخرين أو تلاوة الأدعية والأذكار والتسبيح وغيرها من العبادات التي لا تتطلب قراءة القرآن.