حكم من شرب ناسيًا في صيام التطوع

حكم من شرب ناسيًا في صيام التطوع

حكم من شرب ناسيا في صيام التطوع

مقدمة

الصيام من العبادات العظيمة التي شرعها الله تعالى لعباده المؤمنين، وهو واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر، وقد وردت أحاديث كثيرة تحث على صيام التطوع، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من صام يوما في سبيل الله باعد الله عنه النار سبعين خريفا”.

وقد اختلف الفقهاء في حكم من شرب ناسيا في صيام التطوع، فذهب بعضهم إلى أن صومه يبطل وعليه القضاء، وذهب بعضهم إلى أنه لا يبطل صومه ولا شيء عليه، وسوف نستعرض في هذا المقال الأدلة والأقوال المختلفة في هذه المسألة.

أولا: أدلة القائلين ببطلان الصوم

استدل القائلون ببطلان الصوم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أكل أو شرب ناسيا فلا يقض، ومن استقاء متعمدا فقد أفطر”. وهذا الحديث صريح في أن من شرب ناسيا فقد أفطر، ولا يفرق الحديث بين صيام الفرض وصيام التطوع.

كما استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا صيام لمن لم ينو من الليل”. وهذا الحديث يدل على أن النية شرط لصحة الصوم، ومن شرب ناسيا في صوم التطوع فقد أبطل نيته، وبالتالي بطل صومه.

ثانيا: أدلة القائلين بعدم بطلان الصوم

استدل القائلون بعدم بطلان الصوم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”. وهذا الحديث صريح في أن الخطأ والنسيان لا يبطلان الصوم، ومن شرب ناسيا في صوم التطوع فقد وقع في الخطأ، وبالتالي لا يبطل صومه.

كما استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا أكل الصائم أو شرب ناسيا فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”. وهذا الحديث يدل على أن من شرب ناسيا في صوم التطوع فلا شيء عليه، بل يتم صومه، لأن الله تعالى هو الذي أطعمه وسقاه.

ثالثا: أقوال الفقهاء في المسألة

اختلف الفقهاء في حكم من شرب ناسيا في صوم التطوع، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يبطل صومه ولا شيء عليه، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وذهب بعض الحنفية إلى أن صومه يبطل وعليه القضاء.

رابعا: الراجح في المسألة

الراجح في المسألة هو قول جمهور الفقهاء إلى أن من شرب ناسيا في صوم التطوع لا يبطل صومه ولا شيء عليه، وذلك للأدلة الواردة في ذلك، ولأن صوم التطوع مبني على التخفيف والتيسير، فلا ينبغي أن نشدد فيه.

خامسا: شروط عدم بطلان الصوم بالنسيان

يشترط لعدم بطلان الصوم بالنسيان ما يلي:

1. أن يكون النسيان حقيقيا لا متعمدا.

2. أن يكون الشرب أو الأكل قليلا لا يبلغ حد الإفطار.

3. ألا يتكرر النسيان كثيرا، فإن تكرر النسيان فيجب على الصائم أن يتحرى ويتيقظ حتى لا يبطل صومه.

سادسا: حكم من شرب ناسيا في صيام الفرض

إذا شرب الصائم ناسيا في صيام الفرض فإنه يبطل صومه وعليه القضاء، وذلك لأن صيام الفرض واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر، ولا يجوز إبطاله بأي سبب من الأسباب، إلا إذا كان هناك عذر شرعي مثل المرض أو السفر.

سابعا: الخاتمة

وفي النهاية، فإن حكم من شرب ناسيا في صيام التطوع هو أنه لا يبطل صومه ولا شيء عليه، وذلك للأدلة الواردة في ذلك، ولأن صوم التطوع مبني على التخفيف والتيسير، فلا ينبغي أن نشدد فيه. ولكن يجب على الصائم أن يتحرى ويتيقظ حتى لا يبطل صومه بالنسيان.

أضف تعليق