خطبة عن الايمان بالقضاء والقدر

خطبة عن الايمان بالقضاء والقدر

مقدمة

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الإيمان بالقضاء والقدر من أعظم أركان الإيمان، ومن أهم العقائد التي يجب على المسلم أن يؤمن بها، وهو من أركان الإيمان الستة، وقد جاء في الحديث القدسي: “يا عبادي، خلقتكم بقدرتي وأنا متولي أرزاقكم، ولا ضرر فيما قضيت ولا نفع فيما منعت، فمن رضى بقضائي ورضي بما قسمته له، كنت له وزيراً في الدنيا والآخرة”.

1. مفهوم القضاء والقدر

القضاء هو أمر الله وحكمه الدائر على جميع خلقه، وهو إرادته لما يكون، والقدر هو تقدير الله لكل شيء على ما هو عليه، وهو كتاب الله ومشيئته التي لا تتبدل ولا تتغير، وكل ما في هذا الكون من خير وشر، من سعادة وشقاء، من غنى وفقر، من صحة ومرض، من حياة وموت، كله بقضاء الله وقدره.

2. أدلة الإيمان بالقضاء والقدر

هناك العديد من الأدلة التي تدل على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، منها:

نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى: “إن كل شيء خلقناه بقدر” (سورة القمر: الآية 49)، وقال تعالى: “وما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير” (سورة الحديد: الآية 22)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره”.

إجماع علماء المسلمين على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان، وأحد أصول الدين، وهو واجب على كل مسلم، وقد أجمع عليه سلف الأمة وخلفها”.

العقل والمنطق يدلان على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، فالعالم مليء بالنظام والترتيب، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بوجود قدرة حكيمة مدبرة، وهذه القدرة الحكيمة المدبرة هي قدرة الله تعالى.

3. حكمة الإيمان بالقضاء والقدر

لحكمة الإيمان بالقضاء والقدر فوائد عظيمة، منها:

يجعل المسلم راضياً بما قسمه الله له، سواء كان خيراً أو شراً، لأنه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه.

يدفع المسلم إلى الاجتهاد والعمل، لأن الإيمان بالقضاء والقدر لا يعني الجمود والقعود عن العمل، بل يعني العمل والاجتهاد مع التوكل على الله تعالى، لأنه يعلم أن الله تعالى لن يضيع أجره.

يمنح المسلم الطمأنينة والأمان، لأنه يعلم أن الله تعالى هو الذي يتولى تدبير شؤونه، وأنه لن يتركه وحيداً.

4. أثر الإيمان بالقضاء والقدر على حياة المسلم

للإيمان بالقضاء والقدر أثر كبير على حياة المسلم، فهو يجعله:

صابراً محتسباً عند المصائب والابتلاءات، لأنه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن الله تعالى هو الذي كتب عليه ذلك.

شاكراً لله تعالى على نعمه، لأنه يعلم أن الله تعالى هو الذي أنعم عليه بها، وأنها من فضله وإحسانه.

راضياً بما قسمه الله له، سواء كان خيراً أو شراً، لأنه يعلم أن الله تعالى أعد له في الآخرة ما هو خير مما أصابه في الدنيا.

5. أمثلة على الإيمان بالقضاء والقدر

هناك العديد من الأمثلة على الإيمان بالقضاء والقدر، منها:

قصة سيدنا أيوب عليه السلام، فقد ابتلي بأمراض شديدة، ولكنه صبر واحتسب، ولم يعترض على قضاء الله وقدره، حتى رد الله عليه صحته وعافيته.

قصة سيدنا يوسف عليه السلام، فقد تعرض للعديد من المصائب والابتلاءات، ولكنه صبر واحتسب، ولم ييأس من رحمة الله تعالى، حتى رفع الله تعالى مقامه، وأصبح عزيز مصر.

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد تعرض للعديد من الأذى والاضطهاد، ولكنه صبر واحتسب، ولم ييأس من نصرة الله تعالى، حتى انتصر الإسلام وظهر على الدين كله.

6. فضل الإيمان بالقضاء والقدر

للإيمان بالقضاء والقدر فضل عظيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من آمن بالقضاء والقدر، كتب عند الله من الصديقين”، وقال أيضاً: “من آمن بالقضاء والقدر، صبر على المصائب، وشكر على النعم”.

7. عقوبة من أنكر القضاء والقدر

من أنكر القضاء والقدر، فقد تعرض نفسه لعقاب شديد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أنكر القضاء والقدر، فقد كفر بما أنزل الله على محمد”.

الخاتمة

الإيمان بالقضاء والقدر من أعظم أركان الإيمان، ومن أهم العقائد التي يجب على المسلم أن يؤمن بها، وهو من أركان الإيمان الستة، وللإيمان بالقضاء والقدر فوائد عظيمة، منها: يجعل المسلم راضياً بما قسمه الله له، ويدفعه إلى الاجتهاد والعمل، ويمنحه الطمأنينة والأمان، وله أثر كبير على حياة المسلم، فهو يجعله صابراً محتسباً عند المصائب والابتلاءات، وشاكراً لله تعالى على نعمه، وراضياً بما قسمه الله له، وللإيمان بالقضاء والقدر فضل عظيم، ومن أنكر القضاء والقدر، فقد تعرض نفسه لعقاب شديد.

أضف تعليق