خطبة عن القبر مكتوبة

خطبة عن القبر مكتوبة

الخطبة: القبر

المقدمة:

الحمد لله الذي جعل الموت عبرةً للمؤمنين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فإن لكل امرئٍ منا موعداً مع الموت، وهو حقيقة لا مفر منها، إذ يقول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[آل عمران:185]. فالقبر هو المحطة الأخيرة في رحلة الدنيا، وهو بيت الإنسان الذي سيمكث فيه حتى يوم القيامة، فلنتأمل في هذا البيت ونتعلم من عبرته، ولنتذكر قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}[طه:55].

1. صفات القبر:

هو مكان مظلم وضيق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “اللحد ضغطة القبر، ولو نجا منها أحد لنجا فلان”.

هو مكان وحدة وانفراد، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

هو مكان سؤال وجواب، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان، فيقعدانه، فيقولان له: من ربك؟ قال: ربي الله، قالا: وما دينك؟ قال: ديني الإسلام، قالا: وما نبيك؟ قال: نبيي محمد، قالا: وما عملك؟ فيقول: أما عملي فكنت أصلي وأصوم وأتصدق، قالا: صدقت، ونحن نشهد لك، ثم ينادى منادٍ: أن صدق عبدي، فافرشوا له من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، وينور له قبره”.

2. أحوال الناس في القبر:

الصالحون: هم الذين ماتوا على التوحيد والإيمان والعمل الصالح، فلهم في القبر راحة ونعيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار”.

الفجار: هم الذين ماتوا على الكفر والفسوق والعصيان، فلهم في القبر عذاب شديد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إن الكافر إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان، فيقعدانه، فيقولان له: من ربك؟ قال: هاه هاه، لا أدري، قالا: وما دينك؟ قال: هاه هاه، لا أدري، قالا: وما نبيك؟ قال: هاه هاه، لا أدري، فيضربانه بمطارق من حديد، فيصيح صيحة يسمعها من يليه من الخلائق إلا الثقلين”.

3. أعمال تدفع عذاب القبر:

تلاوة القرآن الكريم: فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “ما من ميت يقرأ عند قبره سورة “يس” إلا هون الله عليه سكرات الموت”.

الصدقة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء”.

بر الوالدين: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر”.

4. زيارة القبور:

من السنة زيارة القبور، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإن فيها عبرة”.

زيارة القبور تذكرنا بالموت وتحثنا على العمل الصالح، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “زوروا القبور فإنها تذكر الموت”.

زيارة القبور تدعونا إلى الدعاء للموتى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إذا زرتم القبور فسلموا على أهلها”.

5. العبرة من القبر:

القبر يذكرنا بالموت، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “أكثروا ذكر هادم اللذات، يعني الموت”.

القبر يذكرنا بالآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه العبد نجا مما بعده، وإن لم ينج منه لم ينج مما بعده”.

القبر يذكرنا بأن الدنيا فانية والآخرة باقية، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة”.

6. الاستعداد للموت:

علينا أن نستعد للموت بتقوى الله والإكثار من الأعمال الصالحة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “من مات على غير توبة مات ميتة جاهلية”.

علينا أن نستعد للموت بتجهيز الكفن والحنوط، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “من مات وليس معه شيء يكفن فيه، فكأنما مات جاهلية”.

علينا أن نستعد للموت بتجهيز الوصية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده”.

7. الدعاء للموتى:

علينا أن ندعو للموتى بالرحمة والمغفرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “الميت معذب ببكاء أهله عليه”.

علينا أن ندعو للموتى بالعتق من النار، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “استغفروا لأمواتكم، فإنهم محتاجون إلى استغفاركم”.

علينا أن ندعو للموتى بالثبات عند السؤال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “اللهم ثبتهم عند السؤال”.

الخاتمة:

الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فقد تناولنا في هذه الخطبة موضوع القبر، وتحدثنا عن صفاته وأحوال الناس فيه، وأعمال تدفع عذاب القبر، وزيارة القبور، والعبرة من القبر، والاستعداد للموت، والدعاء للموتى. نسأل الله تعالى أن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، وأن يرزقنا حسن الخاتمة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أضف تعليق