هل الغناء يبطل الوضوء

هل الغناء يبطل الوضوء

هل الغناء يبطل الوضوء؟

مقدمة:

الغناء من الأمور الشائكة التي اختلف فيها الفقهاء، فمنهم من يرى أنه يبطل الوضوء، ومنهم من يرى أنه لا يبطله. وقد استدل كل فريق بأدلة من القرآن والسنة، وفي هذا المقال سوف نستعرض أدلة الفريقين ونحاول التوصل إلى حكم شرعي في هذه المسألة.

أولاً: أدلة الفريق القائل بأن الغناء يبطل الوضوء:

1. الدليل من القرآن الكريم:

قال تعالى في سورة المؤمنون: “وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ” (الآية 3). وقد فسر بعض المفسرين اللغو هنا بأنه الغناء والموسيقى.

2. الدليل من السنة النبوية:

روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: “كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فمررنا بقوم قد نصبوا دفوفاً، فقال: “يا أبا مالك، هل معك من مزمار؟” قلت: لا. قال: “فإن معي لمزامير آل داود”. فقام النبي صلى الله عليه وسلم يمشي ويقول: “يا معشر الأنصار، هل لكم أن نلعب؟” فقام نفر منهم فجعلوا يرقصون ولا يغنون.

3. الدليل من أقوال الصحابة والتابعين:

روى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: “الغناء ينبت النفاق في القلب”. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “الغناء ينقص الحياء ويورث النفاق”.

ثانياً: أدلة الفريق القائل بأن الغناء لا يبطل الوضوء:

1. الدليل من القرآن الكريم:

قال تعالى في سورة لقمان: “ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين” (الآية 6). وقد فسّر بعض المفسرين لهو الحديث هنا بأنه الغناء والموسيقى، إلا أنهم قالوا إن تحريم الغناء ليس في ذاته، وإنما في استخدامه للصرف عن ذكر الله تعالى.

2. الدليل من السنة النبوية:

روى الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم ينشد الأشعار ويقول: “إن الشعر يكاد أن يكون سحراً”.

3. الدليل من أقوال الصحابة والتابعين:

روى الإمام الترمذي في سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الغناء ولا ينكره”. وقال الإمام الشافعي رحمه الله: “الغناء مباح ما لم يكن فيه معصية”.

ثالثاً: رأي العلماء المعاصرين في حكم الغناء:

اختلف العلماء المعاصرون في حكم الغناء، فبعضهم يرى أنه حرام مطلقاً، وبعضهم يرى أنه جائز مطلقاً، والبعض الآخر يرى أنه يجوز في بعض الحالات ويحرم في حالات أخرى.

رابعاً: حكم الغناء في الإسلام:

بعد استعراض أدلة الفريقين ورأي العلماء المعاصرين، فإننا نرى أن الحكم الشرعي في مسألة الغناء هو كما يلي:

1. الغناء جائز مطلقاً إذا كان خالياً من المحرمات، مثل الغناء بكلمات طيبة وألحان هادئة لا تثير الشهوات.

2. الغناء حرام مطلقاً إذا كان فيه محرمات، مثل الغناء بكلمات فاحشة أو ألحان صاخبة تثير الشهوات.

3. الغناء جائز في بعض الحالات ويحرم في حالات أخرى، مثل الغناء في الأعراس والمناسبات السعيدة جائز، بينما الغناء في بيوت الله حرام.

خامساً: شروط جواز الغناء:

حتى يكون الغناء جائزاً، يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:

1. أن يكون الغناء بكلمات طيبة وألحان هادئة لا تثير الشهوات.

2. أن يكون الغناء في مناسبة مناسبة، مثل الأعراس والمناسبات السعيدة.

3. ألا يشغل الغناء عن العبادات أو الأعمال الضرورية.

سادساً: أحكام الغناء في المذاهب الفقهية الأربعة:

اختلف الفقهاء في المذاهب الفقهية الأربعة في حكم الغناء، وذلك على النحو التالي:

1. الحنفية: يرى الحنفية أن الغناء جائز مطلقاً إذا كان خالياً من المحرمات.

2. المالكية: يرى المالكية أن الغناء حرام مطلقاً، سواء كان خالياً من المحرمات أم لا.

3. الشافعية: يرى الشافعية أن الغناء جائز في بعض الحالات ويحرم في حالات أخرى، مثل الغناء في الأعراس والمناسبات السعيدة جائز، بينما الغناء في بيوت الله حرام.

4. الحنابلة: يرى الحنابلة أن الغناء حرام مطلقاً، سواء كان خالياً من المحرمات أم لا.

سابعاً: الخاتمة:

في الختام، فإن حكم الغناء في الإسلام مسألة خلافية بين الفقهاء، وقد استعرضنا في هذا المقال أدلة الفريقين ورأي العلماء المعاصرين، وتوصلنا إلى أن الحكم الشرعي في هذه المسألة هو أن الغناء جائز مطلقاً إذا كان خالياً من المحرمات، بينما الغناء حرام مطلقاً إذا كان فيه محرمات، والغناء جائز في بعض الحالات ويحرم في حالات أخرى.

أضف تعليق