هل سجود التلاوة يحتاج وضوء

هل سجود التلاوة يحتاج وضوء

مقدمة:

سجود التلاوة هو سجود يشرع للمسلم عند قراءته لبعض الآيات القرآنية الكريمة التي ورد فيها أمر السجود، ويسمى أيضاً سجود القرآن، وقد اختلف الفقهاء في وجوب الوضوء لسجود التلاوة فمنهم من أوجبه ومنهم من نفاه، وفي هذا المقال سوف نتناول آراء الفقهاء في هذه المسألة، مع ذكر الأدلة من القرآن والسنة على كل رأي.

أدلة وجوب الوضوء لسجود التلاوة:

1. من الأدلة التي استدل بها القائلون بوجوب الوضوء لسجود التلاوة، قوله تعالى في سورة المائدة: {وإذا قرأتم القرآن فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم}، وقد جاء في تفسير هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “إذا أردت أن تقرأ القرآن فتوضأ”، وهذا الحديث يدل على وجوب الوضوء لقراءة القرآن، وبالتالي فهو واجب لسجود التلاوة الذي هو جزء من قراءة القرآن.

2. ومن الأدلة على وجوب الوضوء لسجود التلاوة أيضاً، ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلتي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار”، وهذا الحديث يدل على أن السجود لله عز وجل عبادة عظيمة، والعبادة لا تصح إلا من المتوضئ، ويدل ذلك على وجوب الوضوء لسجود التلاوة.

3. ومن الأدلة على وجوب الوضوء لسجود التلاوة أيضاً، ما رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ السجدة كبر فسجد وسجد معه من حضره”، وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ قبل أن يسجد سجود التلاوة، وهذا يدل على وجوب الوضوء لسجود التلاوة.

أدلة عدم وجوب الوضوء لسجود التلاوة:

1. ومن الأدلة التي استدل بها القائلون بعدم وجوب الوضوء لسجود التلاوة، قوله تعالى في سورة الإسراء: {وإذا قرأت القرآن فاستعيذ بالله من الشيطان الرجيم}، ولم يذكر الله تعالى في هذه الآية وجوب الوضوء لقراءة القرآن، وهذا يدل على أن الوضوء ليس شرطاً لقراءة القرآن، وبالتالي فهو ليس شرطاً لسجود التلاوة الذي هو جزء من قراءة القرآن.

2. ومن الأدلة على عدم وجوب الوضوء لسجود التلاوة أيضاً، ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا ينتقض الوضوء إلا من حدث”، والحدث هو خروج شيء من السبيلين أو النوم أو لمس الفرج أو أكل لحم الإبل، وليس سجود التلاوة من هذه الأحداث التي تنقض الوضوء، وهذا يدل على عدم وجوب الوضوء لسجود التلاوة.

3. ومن الأدلة على عدم وجوب الوضوء لسجود التلاوة أيضاً، ما رواه أبو داود عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد سجدة التلاوة على الحصى والرمل”، وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتوضأ قبل أن يسجد سجود التلاوة، وهذا يدل على عدم وجوب الوضوء لسجود التلاوة.

الراجح في المسألة:

الراجح في المسألة هو عدم وجوب الوضوء لسجود التلاوة، وذلك للأدلة التي ذكرناها سابقاً، والتي تدل على عدم اشتراط الوضوء لقراءة القرآن، وبالتالي فهو غير مشروط لسجود التلاوة الذي هو جزء من قراءة القرآن.

الخاتمة:

وفي الختام، نود أن نقول إن هذه المسألة من المسائل الخلافية بين الفقهاء، ولكل رأي أدلته التي يستند إليها، والمسلم مخير في الأخذ بأي من الرأيين، فإذا توضأ قبل سجود التلاوة فلا حرج عليه، وإن لم يتوضأ فلا حرج عليه أيضاً.

أضف تعليق