هل يجوز قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء؟
مقدمة
القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وفيه بيان العقيدة والأحكام والقصص وغير ذلك، وهو كتاب مقدس عند المسلمين، ويحرصون على تلاوته وتدبره، وقد اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء، فمنهم من أجاز ذلك ومنهم من قال إنه مكروه، وفي هذا المقال سوف نستعرض أدلة الفريقين ونتوصل إلى الحكم الراجح.
أدلة الفريق الأول الذي يجيز قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء
1. عموم الأدلة التي تحث على تلاوة القرآن الكريم:
حيث قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ [المزمل: 4]، وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 205]، ولم يذكر الله تعالى في هاتين الآيتين شرط الوضوء لتلاوة القرآن، مما يدل على جواز ذلك بدون وضوء.
2. أن قراءة القرآن من الهاتف ليست مسًا للمصحف:
حيث إن الهاتف ليس مصحفًا، وإنما هو أداة إلكترونية تُعرض عليه صورة المصحف، وبالتالي لا يعتبر مسًا للمصحف، ومن ثم لا يشترط الوضوء لقراءته.
3. أن قراءة القرآن من الهاتف لا تقتضي التلاوة:
حيث إن التلاوة هي قراءة القرآن بأحكامه وتجويده، وهذا لا يتحقق إلا بقراءة القرآن من المصحف، أما قراءة القرآن من الهاتف فهي مجرد مطالعة وتدبر، ولا يشترط لها الوضوء.
أدلة الفريق الثاني الذي يكره قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء
1. أن قراءة القرآن عبادة:
وقراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء يُعتبر إخلالاً بهذه العبادة، حيث إن الوضوء شرط من شروط العبادة، وقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6]، وهذا يدل على أن الوضوء شرط لصحة العبادة.
2. أن قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء قد تؤدي إلى مس المصحف:
حيث إن الهاتف قد يقع على المصحف، أو قد يمس الإنسان المصحف بيده بعد لمس الهاتف، وهذا يُعتبر مسًا للمصحف بدون وضوء، وهو أمر مكروه.
3. أن قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء قد تؤدي إلى عدم التركيز والتدبر:
حيث إن الهاتف يحتوي على العديد من التطبيقات والأشياء التي قد تشتت الانتباه عن قراءة القرآن، مما يؤدي إلى عدم التركيز والتدبر في معانيه.
الراجح من أقوال الفقهاء
الراجح من أقوال الفقهاء هو أن قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء مكروه، وذلك لأن قراءة القرآن عبادة، والعبادة لا تصح إلا بالوضوء، ولأن قراءة القرآن من الهاتف قد تؤدي إلى مس المصحف بدون وضوء، أو إلى عدم التركيز والتدبر في معانيه.
خاتمة
وفي الختام، فإن قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء مكروه، وإن كان جائزًا عند بعض الفقهاء، وذلك لأن قراءة القرآن عبادة، والعبادة لا تصح إلا بالوضوء، ولأن قراءة القرآن من الهاتف قد تؤدي إلى مس المصحف بدون وضوء، أو إلى عدم التركيز والتدبر في معانيه.