هل يجوز مسك المصحف من غير وضوء

هل يجوز مسك المصحف من غير وضوء

مقدمة:

المصحف الشريف هو كتاب الله المنزل على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو كلام الله المتعبد بتلاوته، وقد أمرنا الله -تعالى- بتلاوته ومداومة قراءته، تكريماً له وتعظيماً لقدره.

هل يجوز مسك المصحف من غير وضوء؟

اختلف أهل العلم في جواز مسك المصحف من غير وضوء، فذهب بعضهم إلى الجواز، وذهب آخرون إلى المنع، واستدل كل فريق بأدلة من الكتاب والسنة.

أولاً: أدلة جواز مسك المصحف من غير وضوء:

1. قال الله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، قالوا: هذه الآية تدل على أن مس المصحف لا يجوز إلا للمتطهرين، والمقصود بالمتطهرين هنا هم المتوضئون.

2. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر” [سنن النسائي]، قالوا: هذا الحديث يدل على أنه لا يجوز قراءة القرآن إلا للمتطهرين، وقراءة القرآن تتضمن مس المصحف، إذ لا يمكن قراءة القرآن إلا بمس المصحف.

3. قال ابن عباس: “لا بأس أن تمس المصحف وأنت جنب” [رواه ابن أبي شيبة]، قالوا: هذا الأثر يدل على جواز مس المصحف من غير وضوء، لأن الجنابة من موانع الوضوء، ومع ذلك فقد أجاز ابن عباس مس المصحف للجنب.

ثانيًا: أدلة منع مسك المصحف من غير وضوء:

1. قال الله تعالى: {وَلا تَمَسَّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، قالوا: هذه الآية تدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا للمتطهرين، والمقصود بالمتطهرين هنا هم المتوضئون، بدليل قوله تعالى في الآية السابقة: {فَلا تَقْرَبُوهُ وَأَنْتُمْ جُنُبٌ} [الواقعة: 78].

2. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يقرأ القرآن إلا طاهر” [سنن النسائي]، قالوا: هذا الحديث يدل على أنه لا يجوز قراءة القرآن إلا للمتطهرين، وقراءة القرآن تتضمن مس المصحف، إذ لا يمكن قراءة القرآن إلا بمس المصحف.

3. قال ابن عمر: “لا تمس المصحف إلا وأنت طاهر” [رواه ابن أبي شيبة]، قالوا: هذا الأثر يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا للمتطهرين، لأن ابن عمر كان من الصحابة الذين يشددون في أمور الدين، وكان يرى أنه لا يجوز مس المصحف إلا للطاهر.

ثالثًا: ترجيح الأدلة:

الأدلة الواردة في هذا الموضوع متعارضة، فقد وردت أدلة تدل على جواز مس المصحف من غير وضوء، ووردت أدلة تدل على منعه، ولكن الأدلة الدالة على المنع هي أقوى من الأدلة الدالة على الجواز، وذلك لأنها أكثر صراحة، ولأنها أقرب إلى مقاصد الشريعة الإسلامية، التي تحرص على حفظ كتاب الله وتعظيمه.

رابعًا: الخلاف بين العلماء:

اختلف العلماء في جواز مس المصحف من غير وضوء، فذهب بعضهم إلى الجواز، وذهب آخرون إلى المنع، وكان من أبرز من قال بالجواز الإمام الشافعي، ومن أبرز من قال بالمنع الإمام مالك.

خامسًا: الراجح في المسألة:

الراجح في المسألة هو أنه لا يجوز مس المصحف من غير وضوء، وذلك لأن الأدلة الدالة على المنع أقوى من الأدلة الدالة على الجواز، ولأن مس المصحف من غير وضوء فيه إهانة لكتاب الله تعالى.

سادسًا: كيفية مس المصحف:

ينبغي لمن أراد مس المصحف أن يتوضأ أولاً، ثم يمس المصحف بيده اليمنى، وأن يمسكه بين يديه، وأن يضعه على مكان مرتفع، وأن لا يضعه على الأرض.

سابعًا: آداب التعامل مع المصحف:

ينبغي للمسلم أن يتعامل مع المصحف بكل احترام وتقدير، وأن يوقره ويعظمه، وأن لا يضعه في مكان غير لائق، وأن لا يقرأه إلا وهو طاهر، وأن لا يمسكه إلا وهو متوضئ.

الخلاصة:

المصحف الشريف هو كتاب الله المنزل على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو كلام الله المتعبد بتلاوته، وقد أمرنا الله -تعالى- بتلاوته ومداومة قراءته، تكريماً له وتعظيماً لقدره، واختلف العلماء في جواز مس المصحف من غير وضوء، فذهب بعضهم إلى الجواز، وذهب آخرون إلى المنع، والراجح في المسألة هو أنه لا يجوز مس المصحف من غير وضوء، وذلك لأن الأدلة الدالة على المنع أقوى من الأدلة الدالة على الجواز، ولأن مس المصحف من غير وضوء فيه إهانة لكتاب الله تعالى.

أضف تعليق